تقرير ديوان المحاسبة يفضح “الاتصالات” بالجملة والمفرق مهندس يتقاضى أقلّ من سائق أو مخابر دون شھادة

/”الرائد نيوز”_الحلقة الرابعة والأخيرة/


في نيسان الماضي ٢٠٢٢، أصدر ديوان المحاسبة في لبنان، تقريراً خاصاً (رقم 2/2022 أساس 114/2021) من إعداد الغرفة الرابعة يتناول قطاع الاتصالات، مفنّداً كافة التفاصيل المتعلقة بقطاع الاتصالات، ومظهراً كيف هُدرت الأموال العامة بطَريقة ممنهجة حتّى وصل الأمر إلى التهديد بانهيار قطاع الاتّصالات إذا لم ترفع أسعار الاتّصالات.

يشير تقرير ديوان المحاسبة حول قطاع الاتصالات في لبنان، والذي ننشر اليوم حلقته الاخيرة، إلى أن شركتي الخلوي تستخدمان نظام المحاسبة في القطاع الخاص، وتعدان بيناتهما المالية وفقاً لمعايير المحاسبة الدولية، وتسجل إیرداتھما على ھذا الأساس، وبعد ذلك تخصم مصاريف التشغيل من ھذه الإيرادات والباقي یورد الى وزارة الاتصالات، دون مراعاة لقانون المحاسبة العمومية في عملية الصرف ولا تخضعان لقاعدة مراقب عقد النفقات ولا لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة والمؤخرة، رغم أن أموال ھذا القطاع ھي أموال عمومیة یجب أن تدار حسب اصول قانون المحاسبة العمومیة وتعديلاته، كما يجب أن تراقب الشركتان من قبل اجھزة الرقابة المعتمدة في الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء.

بلغ الوفر المودع في الخزینة العامة والمحول من وزارة الاتصالات بين عامي 2010 و2020 نحو 20.8 تريليون ليرة لبنانية، ثم تراجع حیث وصلت في العام 2014 الى 14.56 في المئة، وفي العام 2020 إلى 7.30 في المىة وھي مؤشرات تستدعي التساؤل من قبل دیوان المحاسبة.

بلغ الوفر المودع من قبل شركتي الخلوي في الخزينة لدى وزارة الاتصالات وفي الخزينة العامة مباشرة بين عامي 2010 و2020 نحو 17.2 تريليون ليرة اللبنانية.

وبلغت النفقات المصروفة في شركتي الخليوي نحو 8.1 تريليون ليرة لبنانية، تشكل 47.06 في المئة من الوفر و32 في المىة من إجمالي الإيرادات وھي نسب مرتفعة جداً.

القسم الثالث: التجاوزات، والنتائج، والتوصيات العائدة لهذا القطاع

أوّلاً: التجاوزات ونتائجها
التجاوزات في عمل الهيئة الناظمة:

انتهاء ولاية مجلس الإدارة في عام 2012 واضطراره لمتابعة العمل إزاء عدم تعيين مجلس جديد وسط شبه شلل وعدم إنتاجية تقاضي الرواتب بمبالغ طائلة.
إبرام كافة العقود بالدولار من ضمنها التوظيف.
طلب وقبض سلفات خزينة دون تسديدها رغم وجود وفر.

التجاوزات في عمل هيئة أوجيرو

أ. التجاوزات المثارة من قبل هيئة التشريع والاستشارات:

_عدم مبادر أوجيرو إلى توقيع عقد صيانة والتوصيلات طيلة عام 2017 ليطلب توقيع عقد مصالحة بقيمة 176.6 مليار ليرة لبنانية. فارق 68 مليار لنفس الخدمة بين عام 2019 و2017 دون تبرير.

_إنفاق أوجيرو من الأموال النقدية المتوفرة لديها لأشغال خارج أية أحكام تعاقدية.

_إبرام عقود المشتريات وعقود الصيانة والتركيب والإنشاء بالتراضي مع الموردين والمتعهدين تخطت 70 مليار ليرة، دون الحصول على موافقة وزارة الاتصالات المسبقة عملاً بالعقد الموقع بين أوجيرو والوزارة عام 2016.

_إرسال موظفي الهيئة خلال 2017 في 93 مهمة خارج البلاد بتكلفة إجمالية قاربت 400 مليون ليرة.

_صرف مبلغ مليار و247 مليون ليرة لرعاية المؤتمرات خلافاً لمبدأ تسيير المرفق العام.

_دفع مليار ليرة نفقات عقود استشارية لـ12 مستشار خلال عام 2017 قبل أن تبيّن أنّ ما دفع يزيد عن المستحقات الفعلية.

إنفاق 218 مليون ليرة على شراء مفروشات ولوازم لمكتب الوزير السابق. ب. المخالفات المثارة من قبل النيابة العامة المالية: إخبار مقدم من وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد تتعلق بإنفاق الأموال المتراكمة في حساب الھیئة والبالغة 160 مليون دولار على أعمال ضخمة ومكلفة جداً لمصلحة وزارة الاتصالات طیلة العامین 2017 و2018، من دون توقیع أي عقد وخارج أي تمویل.

إخبار یتعلق باحتمال فقدان مبالغ كبیرة من صندوق تعویضات نھایة الخدمة العائد للعاملین والمستخدمین في أوجیرو، والذي بلغ رصیده 900 مليون ليرة، في حین يفترض ألا يقل المبلغ عن المئة ملیار لیرة. ج. المخالفات المثارة من قبل النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة فروقات كبيرة دفعت إلى المدير العام ومدراء أوجیرو، واستفادة العاملين من سلسلة رتب ورواتب جديدة خلال العام 2012 خلافاً لمرسوم زيادة غلاء المعيشة رقم 7232/2012 في وقت لم يعرض قرار الزيادة على تصدیق وزارتي الاتصالات والمالية.

_بالنسبة للتوظيف: خلال العامین 2017 و2018، بلغ عدد المیاومین 225 شخصاً في العام 2017 ثم توظيف 378 شخصاً في العام 2018 ليرتفع العدد إلى 603 مياومين فيما الحاجة السنوية للمياومين الفعلية وفق دراسة مدیریة الموارد البشریة في الھیئة لا تتعدى 234 عاملاً جدیداً. وهي توظيفات غير قانونية.
فروقات في تعويضات الموظفين مھندسون بحيث يوجد مدنيون (بدون خبرات) يتقاضون رواتب مرتفعة وكذلك السائقين. على سبيل المثال، يمكن العثور على مهندس اتصالات يتقاضى أقلّ من سائق أو مخابر بدون شھادة.
التجاوزات في إطار عمل الخلوي.

تستخدم الشركتان نظام المحاسبة في القطاع الخاص وتعدان بيناتهما المالية وفقاً لمعايير المحاسبة الدولية، وتسجل إیرداتھما على ھذا الأساس، وبعد ذلك تخصم مصاريف التشغيل من ھذه الإيرادات والباقي یورد الى وزارة الاتصالات دون مراعاة لقانون المحاسبة العمومية في عملية الصرف ولا تخضعان لقاعدة مراقب عقد النفقات ولا لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة والمؤخرة. ومن المخالفات:

لم تمارس لجنة الإشراف صلاحياتها تجاه التجاوزات، وأصبحت في بعض الأحيان بمثابة صندوق بريد بين الشركتين ووزارة الاتصالات، وسط غياب الرقابة.

انعدام الرؤية الواضحة والتخطيط اللازم ما أدى إلى ھدر كبير للأموال في سبیل استئجار المواقع والمحطات والمباني، من دون اتخاذ مبادرات جدية للاستفادة من بعض المواقع المستأجرة.

مخالفة مبدأي الشمول والشیوع كونه تم تخصیص الإیرادات لتغطیة النفقات ومنھا تكلفة الموارد البشریة ونفقات مجلس إشراف المالك.
الاستنسابية والزبائنية الواضحة في موضوع التوظیف.

تحدید قیمة الرواتب بالدولار الأمیركي لموظفي شركتي الخلوي ولمجلس إشراف المالك والفرق المساعدة له وفرق الوزراء المتتابعة ولیس بالعملة الوطنیة.

الاستنسابية في اقتطاع نسبة الـ0.1 في المئة من الإیرادات المحصلة لتغطیة نشاطات مجلس إشراف المالك بموجب نص في عقد الادارةـ بحيث أعطى الوزیر لنفسه حریة اقتطاع هذه النسبة لتغطیة ما یعتبره نفقات مجلس الإشراف من كافة الإیرادات المحصلة، بما فیھا قیم الرسوم والضرائب المحصلة كضریبة القیمة المضافة ورسوم الطوابع وغیرھا… والتي ھي وفق القانون توزع بين البلديات والدفاع المدني والخزينة العامة وفق نسب محددة.
تخطي المبالغ المطالب بھا من قبل الوزراء والمدفوعة من قبل شركتي الخلیوي لحساب نشاطات مجلس الإشراف.

ﺛﺎنياً: التوصيات

رفع ديوان المحاسبة توصيات يمكن تلخيصها بما يلي:
التزام لبنان بالإصلاحات الضرورية تأخذ بالاعتبار زيادة إيرادات الدولة وتحسين جودة الخدمة.

توصيات لأوجيرو:
حصر الإنفاق ضمن الأطر التعاقدية ولغاية تسيير المرفق العام وتحسين جودة الخدمة وتحفيز التنافس الاقتصادي.

توصيات تتعلق بقطاع الاتصالات:
اعتماد المناقصات المفتوحة والشفافة والعلنية في جميع النفقات التشغيلية والرأسمالية وعرض المشاريع بشكل مسبق على ديوان المحاسبة.

خفض النفقات المضخمة وغير الضرورية، مثل إلغاء مصاريف الرعاية والاحتفالات وضبط نفقات الدعائية من جهة وضبط وخفض النفقات مثل تقاسم ودمج البنى التحتية، اعتماد الرومينغ الوطني، وتنظيم عمل وكلاء التوزيع من خلال استحداث سياسة موحدة، وضبط كلفة إيجار الموقع وخفض مصاريف السيارات والمحروقات.

ثالثاً: مقررات ديوان المحاسبة
أولاً: إعلام المراجع المعنیة سنداً للمادة /52/ من قانون تنظیم دیوان المحاسبة بمضمون ھذا التقریر.

ثانیاً: إحاطة مجلس النواب علماً بالمخالفات المرتكبة ـ في حال ثبوتھا ـ من قبل وزراء الاتصالات المتعاقبین منذ العام 2004.

ثالثاً: إعلام النیابة العامة التمییزیة والنیابة العامة لدى الدیوان بالمخالفات المثارة ضمن التقریر والتي یقتضي في حال ثبوتھا الإدعاء بھا أمام المحاكم المختصة.

رابعاً: الطلب الى وزارة الاتصالات، ھیئة أوجیرو والھیئة الناظمة للاتصالات، التقیّد بكافة التوصیات الواردة في متن التقریر، والعمل على معالجة أ ّي خلل شا َب العقود التي نظمت سابقاً مع شركات الخلیوي، وتداركه مستقبلاً.

تم تبليغ التقرير الى كل من رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النيابية، وزير المالية، وزير الاتصالات، الهيئة الناظمة للاتصالات، هيئة أوجيرو، النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة.

خاتمة
بعد أشهر من تاريخ إصدار هذا التقرير اتخذت الحكومة اللبنانية ووزارة الاتصالات قرارات تخالف كلياً التوصيات فقررت إطفاء الشبكات، ورفع كلفة الخدمة والاعتماد على التعاقد الخارجي (outsourcing) بدلاً من تقديم الخدمة. تضرّ هذه الإجراءات بقطاع الاتصالات وجودة الخدمة كما أنها ستؤدي الى انكماش القطاع مما يعني انخفاض الواردات وتراجع نوعية الخدمة.

اترك ردإلغاء الرد