3800 قاضٍ أفغاني يتعرضون للتهديد من حركة “طالبان”
/ترجمة زائدة الدندشي-الرائد نيوز/
على مدى عقد من الزمن تقريبًا، عملت نورا هاشمي، المحامية البالغة من العمر 38 عامًا كمدعي عام في أفغانستان، وعملها ينطوي على التحقيق في حالات العنف ضد النساء والأطفال، مما يمنحها إحساسًا عميقًا بالرضا.
“لقد عملت بجد ليلاً ونهارًا لضمان أن كل شخص عالجت قضيته كان يعامل بإنصاف وعدل ولم يحرم من العدالة” قالت هاشمي لجريدة “ذا ناشونال”.
لكن اليوم، أصبحت هاشمي -التي طلبت تغيير اسمها لحماية هويتها- امرأة مطاردة، ومنذ إستيلاء طالبان على أفغانستان في آب 2021، تلقت تهديدات متكررة.
ولم تقتصر التهديدات على الجماعة المسلحة التى كانت في السلطة، وإنما شملت أيضًا عددًا من المجرمين الذين ساعدت في وضعهم وراء القضبان، وأطلقت طالبان سراحهم عندما استولت على البلاد.
وأضافت هاشمي “إن كثيرًا من المدانين لم يتقبلوا الحكم على جرائمهم، ويلومون المحامين والقضاة على وضعهم.” ولكن عندما وصلت طالبان، أفرجت عن جميع السجناء الذين كان بعضهم مجرمين خطرين جدًا، والآن يسعون للانتقام من المدعين العامين والقضاة.
في السنوات السابقة، تعرض مكتب المدعي العام في باكستان لهجمات من حركة طالبان عدة مرات، ونجت هاشمي من محاولات اغتيال، فقدت فيها إثنين من زملائها المقربين، وفي حين أنها لم تكن غريبة عن التهديدات، إلا أنها تقول إن عدم وجود حكومة فاعلة في أفغانستان تركها وعائلتها عرضة للهجمات من الجماعات الإرهابية.
ومنذ ما يقرب من عامين، غيرت كثيرًا مكان تواجدها في أفغانستان، لخوف دائم على حياة عائلتها. وقالت، “في ذلك الوقت، شاهدنا زملاءنا وهم يستشهدون.”
وقد تم دعم إدعاء هاشمي من قبل جمعية محاميي الادعاء، وهي منظمة مقرها في الولايات المتحدة، تقوم بحملات من أجل دعم نظرائهم الأفغان.
قالت نجية محمودي، كبيرة المدعين العامين السابقة في أفغانستان، والعضو في الفرع الأفغاني من وكالة الشؤون العامة الأفغانية (المعروفة باسم APA-AF)، لصحيفة “ذي ناشونال”، “وفقًا للبيانات التي جمعناها، قُتل 28 مدعيًا عاما وأفراد أسرهم خلال العامين الماضيين، وتقدم المنظمة غير الحكومية الدعم للمحامين والقضاة الأفغان المعرضين للخطر في البلاد”.
كانت محمودي من بين القضاة القلائل الذين تم إجلاؤهم في الأيام الأولى من استيلاء طالبان على السلطة قبل عامين، تاركين وراءهم حياة ومهنة بُنيت بسنين العُمر. وهي الآن تقضي أيامها في العمل بلا كلل لمساعدة زملائها الأقل حظًا.
وقالت: “لقد حدد برنامج المساعدة في أفغانستان أكثر من 3800 مدعي عام وموظف رئيسي ما زالوا في أفغانستان، وهم معرضون لخطر كبير ويعيشون في خوف وعاطلون عن العمل ويحتاجون إلى مساعدة عاجلة ونقل إلى مكان آخر.”
وتحاول الوكالة جمع الأموال للمساعدة في نقل ودعم ما لا يقل عن 1500 من المدعين الأفغان الذين ينظر إليهم على أنهم في خطر مُحدق.
وقد تم الإبلاغ عن نتائج مماثلة من قبل الأمم المتحدة هذا العام. وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة ريتشارد بينيت في كانون الثاني، “إن أكثر من عشرة مدعين عامين قتلوا على يد أشخاص مجهولين في كابول ومقاطعات أخرى، على الرغم من أن هذا الأمر قد يكون أقل من العدد الحقيقي”.
وقالت محمودي: “إن معظمهم لا يمكنهم المغادرة لأنهم لا يحملون جوازات سفر، أو لديهم عائلات مسؤولون عنها ولا يمكنهم تركهم وراء ظهورهم”. وأضافت إنه في ظل غياب نظام فعال وبيروقراطية، فإن الحصول على جوازات سفر يمكن أن يشكل تحديًا كبيرا.
“إنه أمر صعب خصوصًا على الذين عملوا كمدعين عامين على أرض الواقع، وغالبًا ما يواجهون طالبان وغيرها من المجرمين، وهم مختبئون فبعضهم لم يغادر منزله منذ أكثر من عامين، خوفًا من التعرف عليهم.”
ويعيش كثير من المدعين العامين والقضاة الأفغان في منازل آمنة في جميع أنحاء أفغانستان، وكذلك في البلدان المجاورة.
مينا، التي تم تغيير اسمها أيضا لحماية هويتها، هي واحدة من القضاة الأفغان الذين لم يتمكنوا من مغادرة منزلهم لمدة عامين.
بعد عدة أشهر من العيش كالبدو لتجنب القبض عليها، لا تزال مينا الآن ملزمة بالمنزل. “أشعر أنني أصبحت سجينة في المنزل لا يمكنني الخروج بحرية مثل النساء الأخريات، دون خوف من أن يتم القبض علي.”
وشدد تقرير الأمم المتحدة أيضًا على التهديدات الخطيرة التي يتعرض لها “من يقومون بالتحقيق مع أعضاء حركة طالبان ومحاكمتهم”.
وجاء فيه أن “التقارير تشير إلى أن المجرمين الذين أفرجت طالبان عنهم سعوا أيضا إلى تنفيذ عمليات انتقامية ضد المدعين العامين والقضاة.” ويشمل ذلك النساء المسؤولات اللواتي يواجهن التهديدات بسبب مقاضاتهن لمرتكبي العنف ضد المرأة، فضلاً عن قضايا الإرهاب.
إن الوجود الحالي ل”مينا” يتناقض بشكل حاد مع حياتها السابقة كسلطة قانونية تشرف على القضايا الجنائية والإرهابية. لكن عملها وضعها في صراع مباشر مع طالبان. “لقد هددوني، وضربوا أخي… ولم يكن لهم أي ذنب”. وما زلت أتلقى رسائل تقول “عندما نجدكم، سنقتلكم أنتم وعائلتكم.”
إن محمودي، التي قادت في وقت من الأوقات قسم الجرائم ضد المرأة في مكتب النائب العام الأفغاني، على دراية تامة بالتهديدات التي تواجه زميلاتها.
“حتى قبل استيلاء طالبان على السلطة، واجهت مخاطر تهدد حياتي بسبب عملي. لقد فقدت إثنين من أعز زملائي في هجمات طالبان.” “كان علي أن اغير موقعي وسيارتي باستمرار فيما أسافر إلى العمل. حتى قبل تفشي فيروس كورونا، كنت أرتدي أقنعة للوجه لإخفاء هويتي وكنت أحمل ملابس مختلفة لمنع التعرف علي.
ولكن على الرغم من التحديات، قالت أنها تحب عملها.
وأضافت، “لقد كان من المُجزي الاعتقاد بأنني أستطيع مساعدة النساء في أفغانستان.”
وقالت لصحيفة “ذا ناشونال”، “لقد تغيرت أفغانستان كثيرًا في العامين الأخيرين، وعدنا إلى الوراء قرنًا من الزمان.”
“لقد مُحِيتْ المرأة من المجتمع. وقد انهارت النظم القانونية، ولا توجد في أفغانستان سلطة للنظر في القضايا المتعلقة بالمرأة أو الأسرة أو التقاضي بشأنها أو أي شواغل قانونية أخرى للمواطنين.
وأضافت أن “المحامين والقضاة والمدعين العامين لا يمكنهم حتى إثبات وجودهم في أفغانستان، ناهيك عن استخدام شهاداتهم وخبراتهم للدفاع عن الأبرياء”.
وقد رددت هاشمي كلماتها. “يُحَدد البلد بنظامه القانوني ودستوره، وكذلك يحدد بوضوح حقوق المواطن ومسؤولياته. وكان هذا هو ما عملنا على وتنفيذه ولكن لم يعد هناك أي شيء من هذا القبيل في أفغانستان.
واختتمت حديثها بتنهد شديد: “من الصعب جدا أن نقبل أننا خسرنا كل شيء.”
/مترجمًا عن: ذا ناشونال نيوز/