أطلقها النظام السوري قرب حدود الأردن.. تشكيك في جدية “حملة مكافحة المخدرات”
/ضياء عودة – الحرة/
أثار إعلان النظام السوري إطلاق حملة لـ”مكافحة المخدرات” على حدود الأردن شكوك صحفيين من جنوب سوريا ونشطاء حقوقين، وبينما قال الأول إن قواته “أوقفت عددا من المشتبه بهم بالتجارة والتهريب”، الثلاثاء، نفت مصادر لموقع “الحرة” صحة هذه الرواية، وتحدثت عن “مداهمات ثأرية”.
وذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا”، الأربعاء، بأن “الجهات المختصة في محافظة درعا أوقفت عددا من المشتبه بهم بتجارة وتهريب المخدرات، وضبطت أسلحة وكميات من مادة الحشيش، خلال عملية تمشيط بالتعاون مع الجيش العربي السوري قامت بها بالقرب من الحدود الأردنية”.
ونقلت الوكالة عن مصدر أمني لم تسمه أن “عمليات التمشيط مستمرة لوقف تهريب المخدرات وترويجها وملاحقة المتورطين، وإلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى القضاء”.
في المقابل أوضح صحفيون وشبكة حقوقية لموقع “الحرة” أن “حملة أمنية تخللتها مداهمات انطلقت في يوم الثامن والعشرين من يوليو الماضي، واستهدفت منازل في منطقة الشياح” القريبة من الحدود مع الأردن.
ولم يكن هدف الحملة لـ”مكافحة المخدرات”، بحسب الناطق باسم شبكة “تجمع أحرار حوران” الإخبارية، أيمن أبو نقطة، ولاسيما أن من قادها “مصطفى المسالمة (الكسم) وعماد أبو زريق، وهما الشخصان اللذان استهدفتهما العقوبات الأميركية والبريطانية مؤخرا، لضلوعهما في تسيير عمليات تهريب المخدرات نحو الأردن”.
وأضاف الصحفي لموقع “الحرة” أن مجموعات القياديين المحسوبين على “الأمن العسكري” داهمت منازل في منطقة الشياح، واعتقلت خمسة أشخاص، وسرعان ما أفرجت عنهم في ذات اليوم (28 تموز).
وتابع أبو نقطة بأن “المجموعات الأمنية لم تضبط أي حبة كبتاغون. والحملة استهدفت إفراغ منطقة الشياح القريبة من الأردن من ساكنيها”، في وقت أكد أن الحدود السورية الأردنية أي حملة مشابهة، الثلاثاء.
واعتبر مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، رامي عبد الرحمن، أن “الحملة التي أعلن عنها النظام السوري إعلامية أكثر من حقيقية”، وقال: “من يريد محاربة تجارة المخدرات يجب عليه أن يغلق معامل تصنيع الكبتاغون أولا”.
ويعتقد عبد الرحمن في حديث لموقع “الحرة” أن تكون “الحملة بالاتفاق مع الأردن للإيحاء بأن النظام السوري ملتزم بوعوده للدول العربية، بمحاربة التجارة العابرة للحدود”.
“بعد الاجتماع الأول”
ويأتي إعلان النظام السوري عن “حملة مكافحة المخدرات” بعد 10 أيام من اجتماع قادة الجيش والأمن فيه مع نظرائهم الأردنيين في عمّان.
وجاء الاجتماع لـ”مناقشة مكافحة تجارة المخدرات المتنامية عبر الحدود المشتركة”، والتي شهدت مناوشات دامية ألقي بالمسؤولية عنها بشكل أساسي على ميليشيات موالية لإيران لها نفوذ في جنوب سوريا.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان، في 24 تموز ان المحادثات أجريت برئاسة رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني من الجانب الأردني، ووزير الدفاع علي محمود عباس ومدير المخابرات العامة اللواء حسام لوقا من الجانب السوري.
وناقشت المحادثات التهديد الذي تشكله المخدرات على استقرار المنطقة. وأضاف البيان أن “الاجتماع بحث التعاون في مواجهة خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريبها عبر الحدود إلى الأردن، كما بحث الإجراءات اللازمة لمكافحة عمليات التهريب ومواجهة هذا الخطر المتصاعد على المنطقة برمتها”.
وذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية، الأربعاء، أن “وحدات من الجيش السوري والقوى الأمنية بدأت عمليات التمشيط باتجاه الطريق الحربي الفاصل بين سوريا والأردن، وعلى امتداد المنطقة الحدودية المحاذية للجانب الأردني في الجهة الجنوبية من محافظة درعا، باعتبارها خط تحرك أساسي لتجار المخدرات”.
ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري أن “تحرك الجيش السوري والدوريات المشتركة يندرج في إطار تنسيق سوري أردني، تجسد من خلال تشكيل اللجنة السورية الأردنية للتعاون في مكافحة تهريب المخدرات”.
لكن مدير “المرصد السوري” عبد الرحمن أشار إلى أن “التجارة لا تتم في السويداء ودرعا الجنوبيتين فحسب، بل تنتشر من الحدود مع الجولان المحتل وصولا إلى الحدود الإدارية مع محافظة ريف دمشق. أي في أقصى جنوب شرق البلاد”.
وقال عبد الرحمن إن “النظام غير قادر على الانتشارفي المنطقة، وقد يكون شن حملة على صغار التجار لكن حتى الآن لم يثبت بشكل جدي مكافحته للتجارة”.
من جهته أكد محمد وهو صحفي مقيم في ريف درعا الغربي أن الحملة الأمنية انطلقت ليوم واحد فقط، ولم تستهدف “تجارة المخدرات” كما تحدثت وسائل إعلام النظام السوري، بل كانت “بدوافع ثأرية”.
وأشار الصحفي لموقع “الحرة” إلى “انخراط مصطفى الكسم وعماد أبو زريق بعمليات التمشيط، وهما المعاقبان بسبب عمليات التهريب، فيما يوصفان في جنوب سوريا بأنهما شيوخ كار الكبتاغون”.
من هما “الكسم وأبو زريق”؟
وتتهم الحكومات العربية والغرب النظام السوري بإنتاج مادة الأمفيتامين المخدرة المعروفة باسم “الكبتاغون”، التي تدر أرباحا كبيرة وتنظيم تهريبها إلى الخليج مرورا بالأردن كنقطة عبور رئيسية.
ويشعر الأردن بالقلق بسبب الانفلات الأمني في جنوب سوريا إذ كرر اتهامات واشنطن بأن ميليشيات موالية لإيران تحميها وحدات من الجيش السوري تدير شبكات تهريب بمليارات الدولارات. وتتهم الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي الحكومة السورية بإنتاج وتصدير هذه المادة المخدرة، وذكروا اسم، ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة بالجيش السوري وشقيق الرئيس السوري، بشار الأسد، كشخصية رئيسية.
كما ذكروا مؤخرا اسم القياديين السابقين في المعارضة، عماد أبو زريق ومصطفى المسالمة، الملقب بـ”الكسم”، بعدما تم إدراجهما على قوائم العقوبات الأميركية والبريطانية.
وتورد نشرة عقوبات سابقة لوزارة الخزانة الأميركية أن “أبو زريق يقود الآن ميليشيا تابعة للمخابرات العسكرية السورية، ويلعب دورا مهما في تمكين إنتاج المخدرات وتهريبها في جنوب سوريا”.
وتسيطر ميليشيا هذا القيادي على معبر نصيب الحدودي المهم بين سوريا والأردن، و”يستخدم سلطته في المنطقة لبيع البضائع المهربة وتشغيل مضارب الحماية وتهريب المخدرات في الأردن”.
في غضون ذلك انضم القيادي السابق في المعارضة، مصطفى المسالمة، إلى قوات الأمن العسكري في درعا، بعد توقيع اتفاق التسوية عام 2018.
وتهم بيان الحكومة البريطانية المسالمة ومجموعته المسلحة بأن لهم “علاقة في تجارة المخدرات جنوبي سوريا”، و”التورط في اغتيال معارضي النظام السوري”.
“التهريب لم يتوقف”
ومنذ حضور بشار الأسد القمة العربية في جدّة وما تلا ذلك من سلسلة تحركات للسعودية في دمشق واصلت المملكة الإعلان عن ضبط شحنات كبيرة من المخدرات والكبتاغون، وكذلك الأمر بالنسبة للأردن نقطة العبور الأولى، إذ واصلت خوض “حربها” على الحدود، معترضة حبوبا من الجو والبر.
وتنفي الحكومة السورية ضلوعها في صنع وتهريب المخدرات أو التواطؤ مع ميليشيات تدعمها إيران ولها صلات بالجيش وقوات الأمن.
وتقول إيران إن هذه المزاعم تأتي في إطار مخططات الغرب ضدها. وسبق وأن قالت مصادر مخابرات محلية وغربية لوكالة “رويترز” إن الأردن، الذي نفد صبره على ما يقول إنها وعود لم يتم الوفاء بها للحد من حرب المخدرات، تولى زمام الأمور، ونفذ، في مايو، ضربة نادرة داخل الأراضي السورية، حيث تم هدم مصنع مخدرات مرتبط بإيران.
وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في وقت سابق يوليو الماضي، في دمشق إن بلاده لن تتردد في اتخاذ إجراءات ضد أي تهديد لأمنها القومي، وحث دمشق على التصرف بقوة أكبر.
وتشير تقديرات الحكومة البريطانية إلى أن 80 في المئة من إنتاج “الكبتاغون” في العالم يصدر من سوريا، وإن، ماهر الأسد، شقيق رأس النظام السوري يشرف شخصيا على هذه التجارة في الخارج.
وكذلك الأمر بالنسبة لتقديرات الولايات المتحدة الأميركية، ما دفع واشنطن في أواخر آذار الماضي لفرض عقوبات على عدد من الشخصيات السورية واللبنانية، بينهم، سامر كمال الأسد ووسيم بديع الأسد.
