إسرائيل و«حزب الله».. محاولة لتطويق تبادل القذائف في الجنوب
«يونيفيل» تدعو لضبط النفس… والقصف يستهدف مناطق مفتوحة بلا إصابات
بعد تبادل رشقات من القذائف الصغيرة والمحدودة بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل، بذلت الحكومة الإسرائيلية من جهة و«حزب الله» اللبناني من جهة ثانية، الجهود لتطويق الحادث ومنع تطوره إلى صدام واسع. وبواسطة قوات «يونيفيل» التابعة للأمم المتحدة، جرت اتصالات عاجلة بين الجيشين، الإسرائيلي واللبناني، (الخميس).
وحسب مصادر في تل أبيب، فإن القصف من جنوبيّ لبنان باتجاه إسرائيل، تم بمبادرة تنظيم فلسطيني صغير وليس من «حزب الله». ووضع ذلك حداً للمخاوف من احتمال نشوب حرب على هذه الجبهة.
وأكدت المصادر الإسرائيلية أن التنظيم الفلسطيني نفّذ هذا القصف كنوع من التضامن مع مخيم جنين، لكنّه ضرب منطقة مفتوحة غير مأهولة في الجانب الإسرائيلي من الحدود. وردت إسرائيل بقصف مماثل على منطقة مفتوحة يُعتقد ان إطلاق القذيفتين تم من أحد المواقع فيها.

كان الحدث قد بدأ في الساعة الثامنة من صبيحة الخميس، حيث سمع أهالي قرية الغجر دويَّ انفجارين. وكما روى بلال خطيب، رئيس اللجنة البلدية في قرية الغجر، فإن الانفجار كان قوياً وسُمع كأنه داخل البيوت في القرية، ولكنه وقع في منطقة مفتوحة في وادي الحاصباني. وعندما نُشر في لبنان أن قذيفتين أطلقتا باتجاه إسرائيل، نفى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي النبأ، وقال إنه «لم يحصل أي إطلاق صاروخي في المنطقة»، ورجّح أن يكون الانفجار ناجماً عن «لغم أرضي قديم». ثم عاد وقال الناطق، في بيان مقتضب، إن «انفجاراً وقع على الجانب اللبناني خلف السياج الأمني بالقرب من قرية الغجر»، ولم يذكر أي تفاصيل بشأن إطلاق صاروخ من جنوب لبنان. وشدد على أنه «لا يوجد حدث أمني داخل حدود إسرائيل». وأوضح أن «التفاصيل قيد الفحص. لكن لم تُرصد تحركات غير عادية على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان».
وبعد عشر دقائق، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن «تحقيقاً أولياً أجراه حول الأنباء عن انفجار بالقرب من قرية الغجر، كشف عن إطلاق قذيفة من الأراضي اللبنانية انفجرت بالقرب من الحدود، في الأراضي الإسرائيلية. وإن الجيش الإسرائيلي رد على ذلك بمهاجمة منطقة الإطلاق داخل لبنان». واتضح أن مدفعية الجيش الإسرائيلي قصفت منطقة مفتوحة في محيط بلدة كفرشوبا الحدودية اللبنانية، بأكثر من 15 قذيفة. ولكن القصف استهدف مناطق مفتوحة ولم يوقع ضحايا.
وفسر الناطق سبب عدم اكتشاف القذائف اللبنانية لدرجة نفي وجودها ومن ثمّ عدم تفعيل «القبة الحديدية» وأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الأخرى، بالقول: «إن القذائف كانت قذائف هاون البسيطة التي لا تستجيب لشروط القبة الحديدية. وإطلاق النار كان قصير المدى ولم يتجاوز منطقة قرية الغجر الحدودية».
وتبيَّن أن الطرفين توجها إلى قوات حفظ السلام الدولية (يونيفيل)، لحصر الحادث وتطويقه، فبادرت إلى مطالبة كلا الطرفين (إسرائيل ولبنان) بـ«ضبط النفس» و«الحفاظ على الهدوء»، واصفةً أي عمل بالقرب من «الخط الأزرق» الفاصل بين الجانبين بأنه «حساس للغاية».
وقالت قوات «يونيفيل» إنها «تُجري تحقيقاً للتأكد من طبيعة الانفجارات التي رصدناها صباح اليوم في منطقة المجيدية جنوب لبنان»، وأضافت أن «الأصوات كانت متوافقة مع احتمال إطلاق صاروخ، وقرابة الظُّهر رصدنا قذائف من إسرائيل على منطقة كفرشوبا في لبنان». وتابعت: «أجرينا اتصالات مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين لمنع أي تصعيد إضافي في المنطقة الحدودية».
وقالت نائبة مدير المكتب الإعلامي لـ«يونيفيل»، كانديس أرديل، في بيان، إن «جنود حفظ السلام موجودون على الأرض لغايات الارتباط والتنسيق مع الأطراف والمساعدة في نزع فتيل التوترات، ونحث جميع الأطراف وأي شخص موجود في الموقع على الحفاظ على الهدوء».
والمعروف أن قرية الغجر تقع على نقطة التقاء الحدود اللبنانية-السورية. وقد احتلتها إسرائيل في سنة 1967 ضمن احتلالها هضبة الجولان السورية. واكتشفت إسرائيل أنها احتلتها فقط بعد شهرين، عندما توجه إليها وجهاء القرية يتساءلون: لأي سلطة أصبحوا تابعين؟ وقالوا إنهم يعدّون أنفسهم علويين سوريين. إلا أن قسماً من القرية يقع في الجانب اللبناني من الحدود. وبعد حرب لبنان الثانية في سنة 2006 باتت القرية معزولة، لأن إسرائيل أقامت حاجزاً عسكرياً في مدخلها الجنوبي بدعوى الاحتياطات الأمنية «حتى لا يتسلل عبر القرية مسلحون من (حزب الله) إلى إسرائيل».
وفي مطلع السنة بنى أهالي القرية سوراً يفصلهم عن لبنان، فوافقت إسرائيل على فتح الحاجز بشكل حر.
وفي مطلع هذا الأسبوع، أصدر «حزب الله» بياناً هاجم فيه إسرائيل لبناء هذا السور وعدّه إجراءً خطيراً. وقال: «القسم الشمالي من بلدة الغجر معترف به من الأمم المتحدة بوصفه جزءاً من الأراضي اللبنانية لا نقاش فيه ولا نزاع حوله. وإنشاء سياج شائك وبناء جدار إسمنتي حول كامل البلدة شبيه بما تقوم به على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، يفصل هذه القرية عن محيطها الطبيعي التاريخي داخل الأراضي اللبنانية، ويجعل الاحتلال يفرض سلطته بشكل كامل على القسمين اللبناني والمحتل من البلدة ويُخضعها لإدارته بالتوازي مع فتح القرية أمام السياح القادمين من داخل الكيان الصهيوني».
/الشرق الأوسط/