المعتكفون في الأقصى يواجهون همجية الاحتلال

صعّد الاحتلال الإسرائيلي أمس من اعتداءاته على الفلسطينيين مستغلا انشغال المقدسيين بالصلاة وقيام الليل والاعتكاف في المسجد الأقصى خلال أيام شهر رمضان المبارك حيث اقتحمت قواته مرتين باحة المسجد عند الساعات الأولى للفجر وفي المساء مستخدمة الرصاص والغاز والهراوات، واعتدت بالضرب المبرح على المعتكفين واعتقلتهم، قبل أن تندلع مواجهات واشتباكات أخرى في مناطق بالقدس والضفة الغربية، ثم يدخل قطاع غزة على خط المواجهات عبر صواريخ، ردّ عليها الاحتلال لاحقاً. وقالت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين إن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 500 فلسطيني خلال اقتحامها المسجد الأقصى، في حين قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن عشرات من المعتكفين في المسجد أصيبوا.


وجرى الاقتحام قبيل بدء عيد الفصح اليهودي، الذي يتم الاحتفال به من الخامس إلى 12نيسان الجاري، وبررته سلطات الاحتلال بوجود من وصفتهم بالمحرضين داخل المسجد.
وأظهرت مقاطع فيديو اعتداء الشرطة الإسرائيلية بالضرب على المعتكفين – وبينهم نساء – في باحات المسجد الأقصى، وتكبيل أرجل المعتقلين.


وعقب إخراج المعتكفين والمصلين، اقتحم مستوطنون باحات الأقصى تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكانت جماعات يهودية متطرفة دعت إلى اقتحام الأقصى وذبح القرابين داخل باحاته بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي.


وقالت شاهدة عيان «رأيت الموت بعيني، ونطقت الشهادتين، بكينا ورجفنا من الخوف، وتخضبت ملابسنا بدماء الشبان».
وأضافت الشابة المعتكفة أنه في اللحظات الأولى بعد اقتحام قوات الاحتلال وسط الظلام الدامس الذي بددته المفرقعات النارية التي أطلقها الشبان لمنع الاقتحام، قام الشبان بتشكيل درع بشري حول النساء المعتكفات لحمايتهن، وتحصنوا بمقاعد بلاستيكية.


وانقضّت قوات الاحتلال على الشبان تضربهم عشوائيا بالهراوات والدروع والكراسي وتصعقهم بالكهرباء دون رحمة أمام النساء اللواتي تكدسن فوق بعضهن البعض بعد محاصرتهن ومنعهن من الحركة أو الكلام أو التصوير.
وتقول شاهدة العيان إن إحداهن رأت شقيقها وهو يعذب، وأخرى مسنة صرخت من الألم بعد إجرائها عملية جراحية حديثا، وتضيف «امتلأ المكان بالغاز واختنق الجميع، أطلقوا القنابل المطاطية على أجساد الشبان مباشرة، كل من يتحرك كانوا يدوسونه بأقدامهم».


وردا على اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المعتكفين داخله، أطلقت المقاومة الفلسطينية نحو 10 صواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة.


وأصاب أحد الصواريخ مصنعا في مستوطنة سديروت، وتبنت القصف ألوية الناصر صلاح الدين.
ورد الجيش الإسرائيلي بغارات جوية وقصف مدفعي استهدف مواقع للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وحمل حركة حماس مسؤولية إطلاق الصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية.
من جهته، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الحكومة إلى الرد بقوة على إطلاق صواريخ من غزة وليس بقصف أماكن غير مأهولة، وفق قوله.


أما وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش فدعا الجيش الإسرائيلي إلى شن عملية «السور الواقي 2» في الضفة الغربية تبدأ في نابلس وجنين.


من جهته، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن الأحداث في الأقصى زادت التوتر في غزة والضفة، مضيفا أن أي صاروخ يطلق نحو إسرائيل سيقابل برد مناسب وفعال.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقال إن حكومته تعمل للحفاظ على الوضع الراهن وتهدئة الموقف بعد الأحداث التي شهدها المسجد الأقصى.


وفي الضفة الغربية، أعلن الجيش الإسرائيلي حالة تأهب وجاهزية على كافة الجبهات والساحات عشية عيد الفصح اليهودي، كما أعلن تعزيز قواته على الطرقات في الضفة الغربية.
دوليا وعربيا، توالت ردود الفعل المنددة باقتحام الاحتلال للأقصى والاعتداء الوحشي على المعتكفين في المسجد.


وعبرت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها من التصعيد الكبير.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، «ما زلنا قلقين للغاية بسبب استمرار العنف في المسجد الأقصى»، و«حضّ جميع الأطراف على تفادي تصعيد إضافي».


كما أضاف «ينبغي أكثر من أي وقت أن يعمل الإسرائيليون والفلسطينيون معاً للحدّ من هذه التوتّرات وإعادة الهدوء». وأعرب الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريش، عن «صدمته» و«ذهوله» إزاء مستوى العنف الذي استخدمته قوات الأمن الإسرائيلية بحق المصلّين الفلسطينيين.


وقال ستيفان دوجاريك، المتحدّث باسم غوتيريش، إنّ «الأمين العام مصدوم ومذهول للمشاهد التي رآها هذا الصباح للعنف والضرب من جانب قوات الأمن الإسرائيلية داخل المسجد القبلي في القدس، والتي حصلت في فترة مقدّسة بالنسبة لكلّ من اليهود والمسيحيين والمسلمين، وهي فترة يجب أن تكون للسلام واللاعنف».


ودفعت تطورات المسجد الأقصى، الجامعة العربية إلى عقد اجتماع طارئ بدعوة من الأردن على مستوى المندوبين الدائمين بالتنسيق مع الجانبين الفلسطيني والمصري لبحث التطورات في الأراضي الفلسطينية.


وأكدت الخارجية الأردنية على استمرار التحرك على المستوى العربي «لوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وتصرفا ومرفوضا ومدانا يستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس ومقدساتها».


كما شدد الأردن على «اتخاذ جميع الخطوات والإجراءات التي من شأنها وقف التصعيد الإسرائيلي الخطير والتحذير من مغبته»، بحسب وكالة الأنباء الأردنية.


بدوره، دان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط اقتحام المسجد الأقصى، واصفاً هذه الممارسات بأنها «تصرفات غير مسؤولة».
ونقل بيان للجامعة العربية عن أبوالغيط دعوته للمجتمع الدولي، ممثلا في أعضاء مجلس الأمن، إلى «التحرك بسرعة من أجل دفع إسرائيل لوقف هذا التصعيد الخطير الذي ينذر بإشعال الموقف في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.


وطالب أبوالغيط الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن هذه “الأعمال الاستفزازية».
من جانبها عبرت وزارة الخارجية السعودية عن رفضها القاطع لهذه الممارسات «التي تقوض جهود السلام وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية في احترام المقدسات الدينية».


وقالت إن المملكة تتابع بقلق بالغ هذا الاقتحام «السافر»، مؤكدة على موقفها في «دعم جميع الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال والوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية»، وفق ما نقلته «واس».

اترك ردإلغاء الرد