التضخم في لبنان يبلغ 190 في المئة
النقد الدولي: “عجّلوا” بالإصلاحات



زاد مؤشر أسعار المستهلك بنحو 26 في المئة في كانون الثاني 2023، ووصل معدل التضخم في لبنان إلى حوالي 190 في المئة في شهر شباط حيث دعا صندوق النقد الدولي حكومة البلاد ومجلس النواب والمصرف المركزي إلى توحيد الصفوف واتخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

التضخم المفرط استمر للشهر ال 32 على التوالي مع ارتفاع في أسعار الاتصالات والاستشفاء والمطاعم والفنادق، وكذا ارتفاع في تكاليف الأغذية والمياه والطاقة، وفقًا لما ذكره مؤشر أسعار المستهلك بالإدارة المركزية للاحصاء.

وبعد أن بلغت نسبة التضخم في البلد 155 في المئة في عام 2021، ارتفعت إلى 171.2 في المئة في عام 2022، وهي أعلى نسبة في أربعة عقود تقريبًا، حيث استمرت أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في البلد منذ عقود خلال مأزق سياسي أعاق تشكيل حكومة جديدة وسن الإصلاحات اللازمة للحصول على مساعدات بمليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي وغيره من المانحين الدوليين.

زادت تكاليف الاتصالات بما يقرب من خمسة أضعاف في شباط مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022، في حين زادت تكاليف الصحة أكثر من أربعة أضعاف. وارتفعت أسعار الملابس والأحذية وأسعار المطاعم والفنادق إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، أما أسعار الأغذية والمشروبات غير الكحولية فارتفعت أكثر من ثلاث مرات وكذلك الأمر بالنسبة لتكاليف النقل.

انكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 58 في المئة تقريبا بين عامي 2019 و 2021، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى 21.8 مليار دولار في عام 2021، من حوالي 52 مليار دولار في عام 2019، وفقًا للبنك الدولي، وهو أكبر انكماش على قائمة تضم 193 بلدًا.

وانخفضت العائدات الضريبية في لبنان أكثر من النصف بين عامي 2019 و 2021 في مواجهة الأزمة الاقتصادية الأكثر عمقًا منذ نهاية الحرب الأهلية، وفقًا لصندوق النقد الدولي.

وبيّن الصندوق أن سوء تقدير الجمارك والضرائب وضريبة القيمة المضافة على الحدود تسببت في خسارة إيرادات بلغت 4.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبنان في عام 2022.

وكان صندوق النقد الدولي أعلن الاسبوع الماضي بعد انتهاء زيارة قام بها إلى بيروت في 15 و 23 آذار الماضي انه “على الرغم من حدة الوضع الذي يدعو إلى تحرك فوري وحاسم، فإن التقدم كان محدودًا في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، رغم بعض الجهود التي بذلتها الحكومة”.

“وهذا التقاعس يضر على نحو غير متناسب بالسكان من ذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط، ويقوض الإمكانات الاقتصادية للبنان على المدى الطويل ويتعين على الحكومة ومجلس النواب والمصرف المركزي العمل معًا وبسرعة وحسم لمعالجة نقاط الضعف المؤسسية والهيكلية التي طال أمدها من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتمهيد الطريق لتحقيق انتعاش قوي ومستدام.

وقد وصف البنك الدولي الأزمة في البلاد بأنها واحدة من أسوأ الأزمات في التاريخ الحديث، حيث صنفها من بين أسوأ الأزمات المالية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

حتى الآن لم تفرض النخبة السياسية في لبنان إصلاحات بنيوية ومالية حاسمة مطلوبة للحصول على 3 مليار دولار من المساعدات من صندوق النقد الدولي.

ومن شأن تأمين أموال صندوق النقد الدولي أن تمهد الطريق أمام تقديم مساعدة إضافية بقيمة 11 مليار دولار كان المانحون الدوليون قد تعهدوا بتقديمها في مؤتمر باريس في عام 2018. وتعتمد الإصلاحات على تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس للجمهورية والتوافق بين النخبة السياسية في البلاد.

وصل السياسيون إلى طريق مسدود بشأن تشكيل الحكومة الجديدة بعد 10 أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية، وبعد حوالي خمسة أشهر من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون التي دامت ست سنوات في نهاية تشرين الأول.

ومن المرجح أن يظل التضخم مرتفعًا مع استمرار خسارة الليرة اللبنانية لقيمتها في السوق الموازية وفي سعر الصرف الرسمي منذ انخفاض قيمتها بنسبة 90 في المئة بداية شباط وفي حين أكد صندوق النقد الدولي التزامه بدعم لبنان قال أيضًا إن البلاد “على مفترق طرق خطير، ومن دون إصلاحات سريعة ستكون غارقة في أزمة لا نهاية لها”. ومع استمرار المأزق الحالي فإن الصندوق يتوقع أن يظل الفقر والبطالة على ارتفاع، في حين تستمر الإمكانات الاقتصادية في الانحدار.

وأضاف الصندوق أن “استمرار الوضع الراهن من شأنه أن يزيد من تقويض الثقة في مؤسسات البلاد، وأن المزيد من التأخير في تنفيذ الإصلاحات سيبقي الاقتصاد مهترئًا، مع عواقب لا رجعة فيها على البلاد بأسرها، ولا سيما على الأسر ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط”.

/ترجمة زائدة الدندشي-الرائد نيوز/
/مسعود درحللي- ذا ناشونال نيوز/

اترك ردإلغاء الرد