الأساتذة أسقطوا روابطهم بالشارع

بوجه “روابط الذل والخنوع” اعتصم مئات الأساتذة أمام وزارة التربية، رافضين قرار روابط المعلمين في القطاع الرسمي العودة إلى التعليم. وطالبوا الهيئات الإدارية للروابط بالاستقالة، كما كتبوا على اللافتات، التي رفعوها، بوجه وزارة التربية وروابط المعلمين في القطاع الرسمي، صباح اليوم الاثنين في 6 آذار.

حشد ضخم واعتصام مفتوح
رفض الأساتذة بغالبيتهم قرار العودة إلى التعليم، الذي اتخذته الروابط من دون العودة إلى الجمعيات العمومية واستفتاء رأيهم. واختلف الوضع بين المدارس والثانويات، نظراً لاعتماد المدارس على المتعاقدين. ففيما لم يتعلم الطلاب في أكثر من ثمانين بالمئة من الثانويات، اقتصر التعليم في المدارس المفتوحة على المتعاقدين، حتى أن جزءاً كبيراً من الأخيرين استمروا بالإضراب.

واعتصم المئات من الأساتذة، ولا سيما في التعليم الثانوي، أمام وزارة التربية في حشد ضخم، لم تتمكن الروابط طوال السنوات الفائتة من تنظيمه، رغم أن الدعوة إليه أتت على عجلة، وفي لحظة غضب الأساتذة يوم أمس. وتظاهر الأساتذة أمام مقر رابطة الثانوي، ونصبوا خيم الاعتصام المفتوح أمام وزارة التربية، وذلك حتى إقالة أعضاء الهيئة الإدارية للرابطة، واستعادتها من الأحزاب التي فرّطت بحقوقهم، وبانتظار تحسين رواتبهم، وذلك من خلال انتخاب رابطة تمثلهم للتفاوض مع الحكومة ووزير التربية لاستعادة الحقوق، وليس من خلال رابطة أحزاب الحكومة، كما قال أساتذة لـ”المدن”. وهددوا بأنهم سيقومون بعقد جمعيات عمومية، حتى لو رفضت الهيئة الإدارية ذلك، وانتخاب ممثلين عنهم بشكل مباشر من الأساتذة، متسلحين بالمعاهدات الدولية واتفاقية القاهرة، التي تنص على الحق بالتنظيم والعمل النقابيين.

ضغوط الوزارة والمدراء
ورغم أن المدارس والثانويات فتحت أبوابها في لبنان، بعد قرار الروابط، إلا أن الأساتذة بغالبيتهم رفضوا تعليم الطلاب، واقتصر حضورهم غالبيتهم إلى المدارس والثانويات على التوقيع على جدول دوام الحضور، من دون الدخول إلى الصفوف. هذا فيما بدأ الأساتذة بعقد جمعيات عمومية رغماً عن روابطهم، وممارسة المزيد من الضغوط وصولاً إلى إقالة الهيئات الإدارية للروابط، التي صادرت قرار الأساتذة، كما يؤكدون.
في اليوم الأول لاختبار حجم القوة والقدرة على تنفيذ قرار الروابط بالعودة إلى التعليم، أو قرار الغالبية العظمى للأساتذة بعدم الرضوخ لقرارات المكاتب التربوية الحزبية، عبّر الأساتذة عن غضبهم ولم يلتزموا بفك الإضراب. ورغم محاولات العديد من مدراء المدارس والثانويات الضغط على الأساتذة، كان الإضراب شبه عام في لبنان، واقتصر الأمر على حضور عشرات الطلاب، في بعض المدارس والثانويات، حيث علّم جزء من الأساتذة المتعاقدين، فيما أساتذة الملاك، رفضوا مصادرة صوتهم، كما أكد أساتذة من كل لبنان لـ”المدن”.

روابط المكاتب التربوية
اتخذت روابط المعلمين قرارها بفك الإضراب رغماً عن الأساتذة، لعلمها المسبق بأن عقد الجمعيات العمومية يعني استمرار الإضراب إلى ما لا نهاية. فالأساتذة، كما ظن القيمون على الروابط، أي المكاتب التربوية، سيغضبون لمدة أسبوع، ثم يلتحقون بالمدارس لتمرير ما تبقى من العام الدراسي. بما يشي أن المكاتب التربوية للأحزاب غير مدركة لحجم الغضب الذي يعيشه الأساتذة. بل تتعامل معهم كما لو أنهم عمال مياومين وليسوا موظفين، وظيفتهم تربية الأجيال. فهمّ المكاتب التربوية هو فتح أبواب المدارس الرسمية حتى لو تعلم فيها عشرة طلاب، وذلك بغية إجراء الامتحانات الرسمية للقطاع الخاص، يقول أساتذة لـ”المدن”.

منذ يوم السبت الفائت، عندما اتخذت الروابط قرارها، عاد واشتعل غضب الأساتذة من جديد. لكن الوضع مختلف عن الاعتراضات السابقة التي كانت تنتهي برضوخ غالبية الأساتذة، كما حصل خلال العام الدراسي الفائت. فالأساتذة يرون أن ما حققته الروابط بعد شهرين من الإضراب مجرد وهم، لأن التقديمات الحالية للعودة إلى التعليم تبخرت حتى قبل موافقة الأساتذة على العودة إلى التعليم، حيال ارتفاع سعر صرف الدولار.

وبالتالي، لن يتراجعوا هذه المرة قبل تحقيق مطلب تثبيت القدرة الشرائية لمداخيلهم، وقبل إقالة هيئات روابط المعلمين، المتهمة من قبلهم، بأنها فرّطت بحقوقهم وتريد ردهم إلى التعليم بلا أي مكسب، كما يقولون.
في اليوم الأول للكباش بين الأساتذة والروابط تصدّر اعتصام الأساتذة أمام وزارة التربية، ورفض غالبية الأساتذة في كل لبنان الدخول إلى الصفوف، المشهد التربوي. هذا رغم كل التهديد والوعيد الذي حصل في اليومين السابقين، بعيد اتخاذ الروابط قرارها. وقد تم تهديد الأساتذة بإلغاء توقيعهم على جدول الدوام اليوم الإثنين، واعتبارهم متغيبين، وفق تعاميم مديريتي التعليم في وزارة التربية.

كيل الشتائم وأخذ الأرواح
إلى ذلك انتشر كالنار في الهشيم ما تناقله الأساتذة عن إقدام مديرة ثانوية رمال رمال في الجنوب بإهانة المعلمين. فبعد الضغوط التي مارستها المديرة على الأساتذة يوم أمس للحضور إلى الثانوية اليوم، طالب الأساتذة المديرة بتأمين “سرفيس” (سيارة أجرة) كي يحضروا إلى الدوام. فردت عليهم بتسجيل صوتي: “ما رح أعمل متل ما بدهم الأساتذة. الأستاذ لي بدي قدملو سرفيس لازم شلّو روحه قبل ما أعطيه سرفيس”. وطالب الأساتذة وزير التربية بمحاسبة المديرة على فعلتها.
وكذلك انتشر حديث نائب رئيس رابطة الثانوي حيدر إسماعيل (حزب الله) مع الأساتذة بكلام مفاده أنه “لا يجوز شرعاً أن يتلقى الأساتذة راتبهم وهم مضربون عن العمل”، ضارباً العمل النقابي في الصميم. وقد تبين أن حجم الاعتراض في معاقل حزب الله كبير، وليس من الأساتذة المستقلين فحسب، بل حتى من الأساتذة المحسوبين عليه، كما أكد أساتذة يعلّمون في الضاحية الجنوبية.
هذا وقد تناول الأساتذة إسماعيلَ بكلام جارح لأنه كان مستلماً زمام المفاوضات مع وزير التربية، عقب استقالة رئيسة الرابطة ملوك محرز (تيار المستقبل). وقد اتهمت محرز بأنها تفرط بحقوق الأساتذة، ليعودوا ويكتشفوا أن ما أقدمت عليه الرابطة حالياً أسوأ من أيام محرز. فحينها تم تنظيم جمعيات عمومية لاستفتاء رأي الأساتذة أقله، أما حالياً فقد تعاملت الرابطة مع الأساتذة كأنهم غير موجودين ولا داعي لأخذ رأيهم من الأساس.

وليد حسين _المدن

اترك ردإلغاء الرد