مجلس إدارة الهيئة الناظرة على الأوقاف

د. بديع أحمد مطر _الرائد نيوز

مجلس ادارة الهيئة الناظرة على الأوقاف ليس كغيره من المجالس، فمع أننا لسنا بمعرض المقارنة والمقاربة، الا أن المسؤولية التي تقع على كاهله توازي أضعاف المسؤولية التي تقع على مجلس إدارة مؤسسة تجارية خيرية اجتماعية عامة خاصة الخ… وهذا يترتب عليه النظر ملياً بالعوامل والمعايير والمقاييس والمبادئ التالية:

تركيبة المجلس (board decomposition):

ربما التعددية (diversity) والإختصاص ومراعاة الجعرافيا والديموغرافيا والخلفية والمؤهلات والمقدرة على العطاء، والجهوزية لتقديم التضحيات والسمعة الحسنة والنجاح في الشأن العام والخاص، جميعهم في الخلاط يشيروا الى جودة عملية تأليف المجلس.

عملية التعيين عادةً تتم اما عن طريق انتخابات او تعيين مباشر. صحيح ان الانتخابات ديمقراطية اكثر، لكن المشكلة في الانتخابات انها قد تفضي الى وصول شخص/مجموعة أشخاص غير مناسبين للعمل في مؤسسة وقفية.

لذلك يفضل في هذه الحالة ان يكون التعيين مباشر لكن بتأنّي بالغ؛ ليكون التعيين بناءً على القيمة المضافة “value based recruitement”.

كما ويجب ان تتم عملية التعيين المباشر بشكل شفاف وبالتواؤم مع استراتيجية المرحلة القادمة وتطلعاتها، فلكل زمان دولة ورجال.

طبعاً يجب ان يكون هناك فترة محددة وكافية للمجلس، يقوم رئيس المجلس بتقييم أداء الأعضاء بشكل مستمر، وابداء الملاحظات ومساعدة الأعضاء على تقديم اداء افضل.

التعديل في المجلس امر صحي ولو انه محرج بعض الشيء، لكن الإحراج ليوم أحسن من الإخفاق في كل يوم.

فإذا إدارة اداء المجلس والأعضاء واللجان المنبثقة واجب، لأن ما يتم قياسه… يتم تحقيقه. وما لا يتم قياسه… لا يتم تحقيقه… what gets measured gets done.

ثم يجب تحديد عدد معين لأعضاء المجلس. وهذا أمر جداً مهم وله تبعات.

فإذا كان عدد أعضاء المجلس كبير (اكثر من الحاجة)، فهناك مشكلة. تكمن المشكلة في صعوبة الحصول على إجماع، وطبعاً الإجماع أفضل من الأغلبية. ناهيك عن الوقت الضائع في المداخلات وابداء المرئيات التي من الممكن العيش من دونها.

وإذا كان عدد أعضاء المجلس قليل (اقل من اللازم)، سيفتقر المجلس لمرئيات متخصصة وخبرة أهل الإختصاص. ناهيك عن صعوبة اتمام نصاب الجلسات بحال تغيّب عضوين او ثلاثة.

لذلك، ينصح ان يتكون المجلس الاداري من ١٢ عضو ضمنهم رئيس مجلس الإدارة. كما ينصح بوجود اكبر عدد من التخصصات، ١٢ عضو – ١٢ تخصص. فلا ينصح بتكرار التخصص لعدم وجود تناحر بين الإخصائيين داخل المجلس. ويستحسن مستشار ديني، مستشار قضائي، وجود مستشار صحي، مستشار أعمال، مستشار محاسبة، مستشار مقاولات، مستشار إداري، مستشار مالي، مستشار استراتيجي، مستشار قانوني، مستشار زراعي، مستشار صناعي، مستشار سياحي ومستشار هندسي.

لا يستحسن وجود عضو منتدب كمدير تنفيذي في ( executive director) لأسباب تتعلق بتضارب المصالح والصلاحيات.

أما عن تردد الإجتماعات، فإن العمل الوقفي فيه بركة ومن يعمل به يجب أن يشعر بالشغف (passion)، وكلما زادت الاجتماعات بقدر، زادت الإنتاجية بنفس القدر، من دون وجود مشقة أو تململ أو تغيّب متكرر أو حضور متأخر أو إنصراف مبكّر. فإجتماع مجلس الإدارة لمؤسسة وقفية هو إجتماع نخبوي وفرصة للتباحث بشأن العامة وليس إجبارياً ولا يجب أن يكون شرفياً.

أما مهام المجلس، فيجب أن تكون منصوصة بشكل مفهوم وواضح. والتنبه من تباحث المجلس في كل شيء هو أمر بالغ الأهمية. فلا يحبّذ أن يتحول عمل المجلس الى عمل لجنة. مجلس الإدارة هو مجلس متقدم يبحث في مسائل متقدمة يحضره أشخاص متقدّمون ولا يجوز ان يقحم نفسه في أمور إجرائية بحتة، تعرض عليه المشاكل ومن صميم عمله أن يجد حلول منطقية ومجدية وسريعة.

أما عن آلية إتخاذ القرار، فيستحسن إتباع نظام RAPID (recommend, agree, perform, input, decide). ومع أن الأكثرية هي التي تكسب، لكن يظل الاجماع سيد الأحكام (لا تجمع أمتي على باطل).

لذلك يجب على المجلس تفويض الصلاحيات الى لجان رقابية واشرافية وتنفيذية، تخفف من الضغط عليه وترفع من جودة المخرجات، هذا كله يسرّع وتيرة الإنجاز.

في النهاية، من يقييم المجلس ورئيسه؟ الناس… الناس تقيم الإنجاز والأثر. ومع أن إرضاء الناس هو هدف صعب إدراكه، لكن يبقى لسان الناس من لسان الحق سبحانه وتعالى.

اترك ردإلغاء الرد