غسان كنفاني مشعل القضية الذي لا ينطفىء

/إعداد نوال حبشي نجا _الرائد نيوز /

ولد غسان كنفاني في عكا شمال فلسطين ٩ نيسان١٩٣٦، عاش مع عائلته في يافا حتى عام ١٩٤٨ حين أُجبر وعائلته على النزوح.

في عمر الثانية عشر أدرك كنفاني معنى اللجوء، فقد اتجه مع عائلته إلى لبنان ثم سوريا، حيث درس ونال شهادة الثانوية من مدارس دمشق عام ١٩٥٢ ودخل قسم اللغة العربية في جامعاتها لكنه لم يتابع بسبب تأثره بوالده الحقوقي، والصحافي الذي كان له مكانة عظيمة عند غسان.

في عام ١٩٥٣ انضم كنفاني إلى حركة القوميين العرب. وفي سنة ١٩٥٥ سافر إلى الكويت ليعمل مدرسًا وهناك كان إقباله على القراءة منقطع النظير، عمل محررًا في إحدى الصحف، مذيلًا مقالاته بإسم “أبو العز”، وقد لفتت الأنظار كثيرًا.

في الكويت كتب أول قصصه القصيرة “القميص المسروق” ونال عنها جائزة في إحدى المسابقات الأدبية.

عاشقٌ للفن، فقد زين منزله المتواضع في بيروت بأعمال فنية من إنتاجه، كما صمم ملصقات للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

كان ملفتًا للنظر بين أخوته بهدوئه، لكنه كان الأكثر تأثرًا بمشاكل الأسرة.
سبقه والده إلى الكتابة، فقد اعتاد تدوين مذكراته يومًا بيوم، وكان يحرر للصحف والمجلات.
التحق غسان بمدرسة الفرير في يافا، وكان يدرس اللغة الفرنسية.
حياته المادية كانت متواضعة جدًا، بل اضطر للاستدانة من أصدقائه كثيرًا.

كتب كنفاني العديد من البحوث الأدبية، معظمها على ارتباطٍ وثيق بالقضية الفلسطينية، فهو أول من كتب عن شعراء فلسطين، وصدرت كتاباته في كتاب له حمل عنوان “شعراء الأرض المحتلة”.

أشهر أقوال غسان كنفاني:
“لك شيء في هذا العالم.. فقم” .

تُرجمت أعماله إلى ١٧ لغة وانتشرت في ٢٠ دولة. لم ينفذ كنفاني عمليه انتحارية أو سدد بالبندقية، لكن قلمه كان كافيًا ليجعل منه هدفًا ملحًا للموساد الإسرائيلي.

وفاة غسان كنفاني
استشهد كنفاني يوم ٨ تموز عام ١٩٧٢ ، بانفجار سيارة فخخها عملاء إسرائيلون في بيروت، لبنان. وكانت بصحبته ابنة أخته لميس نجم التي لم تتجاوز في ذلك العام عمر ال١٧.

ورغم حياته القصيرة، لكنه أصدر أكثر من ١٨ كتابًا، وعدد لا يحصى من المقالات. إضافة إلى إرثٍ روائيٍّ غير مكتمل.

إنجازات غسان كنفاني
انتقل كنفاني إلى بيروت عام ١٩٦٠، فقد وجد فيها مجالًا أدبيًا رحبًا. وبدأ العمل في مجلة “الحرية”، كما كان يكتب مقالًا أسبوعيًا لجريدة المحرر البيروتية، ولفتت مقالاته النظر إليه بعمقها، وأشاعت الحماس تجاه القضية الفلسطينية، كما أصبح كنفاني مرجعًا لكل المهتمين والمناصرين لهذه القضية.
كتابات كنفاني كانت من الناس وإليهم، فغاص في أعماق الإنسان الفلسطيني بعد النكبة والنكسة وما قبلهما، كما تنبأ بالقادم، وأخرجه بإبداع ريشة الفنان ومهارة الكاتب. ففي روايته “عائد إلى حيفا” عام ١٩٧٠، استذكر ما رواه مواطنو حيفا عن رحلتهم نحو عكا. وكان لا بد من أن تترك رحلته الخاصة نحو بلد اللجوء تأثيرها على غسان، فقد حضرت ذكرياته تلك في روايته “أرض البرتقال الحزين” عام ١٩٦٣.
كان كنفاني كتلةً من النشاط، فقد فاقت ساعات عمله العشر ساعات يوميًا على الأقل. وقد ظهرت بوادر مرض السكري والنقرس في عمرٍ مبكرٍ عليه. كان ذلك يُدخله المشفى أيامًا، لكن حتى من على سرير المرض، تأمل عقله كل ما حوله، وأبى إلا أن يخرج منه بتجربة فكتب رواية “موت سرير رقم ١٢” عام ١٩٦٣.
شعر كنفاني بضياع الفلسطينين قبل غيره بكثير، وبتحول قضيتهم إلى قضية حياةٍ يومية أصبح الفلسطينيون يعيشونها تحت سطح لقمة العيش عوضًا عن العمق الذي أودى بهم نحو هذا السطح، فأطر ذلك القضية الأساسية.
عاد كنفاني إلى دمشق قادمًا من الكويت في شاحنةٍ قديمة، وكان للصحراء التي عبرها تأثيرها الكبير عليه، وهو واحد من بين شعب بأكمله كُتب عليه سِفر الضياع هذا، عكس ذلك في روايته “رجال تحت الشمس” عام ١٩٦٣، الرواية التي أصبحت فيلمًا سينمائيًا حمل عنوان “المخدوعين”.
عرف غسان أن لامناص من الكفاح، وأن لا برّ للفلسطينين سوى سواعدهم. فألحق رواية “رجال تحت الشمس” برواية “ما تبقى لكم”. ونرى فكر كنفاني واضحًا صريحًا ناضجًا بالفكرة في روايته “عالم ليس لنا” عام ١٩٦٥.
وللأم الفلسطينية مكانةٌ عند كنفاني فهي “التي تقف الآن تحت سقف البؤس الواطئ في الصف العالي من المعركة” كما جاء في روايته “أم سعد” عام ١٩٦٩.
ومن روايات كنفاني الأخرى”الشيء الآخر” التي صدرت في بيروت بعد استشهاده، و”القنديل الصغير”.
وللمسرح حضورٌ قوي في أدب كنفاني، ومن أهم مسرحياته “الباب” و”القبعة والنبي” و”جسر إلى الأبد”.

أخبار مثيرة للجدل
لطالما كانت علاقة الكاتب والروائي الفلسطيني “غسان كنفاني” بالكاتبة والأديبة السورية “غادة السمان” محطّ اهتمام من قِبَل جمهور المُبدِعَين وجميع المُحيطين بهما، وزاد هذا الاهتمام بعد وفاة كنفاني وتحديدًا بعد نشر غادة السمان كتاب بعنوان “رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان” الذي يتضمّن ١٢ رسالة كتبها غسان كنفاني لها. وكان هذا الكتاب تنفيذ لعهد أخذته السمان أمام كنفاني بتجميع تلك الرسائل ونشرها فيما بعد.

مؤلفاته:
لكنفاني روايات لم تكتمل منها “الأعمى” و”الأطرش” و”العاشق” و”برقوق نيسان”.
نال كنفاني جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان، عن روايته “ما تبقى لكم” وذلك عام ١٩٦٦. أما ما تبقى من جوائز، فقد مُنحت لاسمه بعد استشهاده، وأهمها جائزة منظمة الصحافة العالمية ١ عام ١٩٧٤، وجائزة اللوتس عام ١٩٧٥. كما مُنح وسام القدس عام ١٩٩٠.

أما من حيث ديانة غسان كنفاني ومعتقداته وطائفته الأصلية، فقد ولد لعائلة مسلمة.

اترك ردإلغاء الرد