السياسة تجعلنا أغبياء..
هناك حلٌ للتفكير المتحيّز فكريًا، وهو بسيط للغاية
دان كاهان أستاذ القانون وعلم النفس في جامعة ييل، والذي علّمنا بحثه على مدار الأعوام أمرًا شديد الأهمية بشأن السياسة والجدل السياسي اليوم، الأمر كما يلي: بينما نفضِّل أن نعتقد أنه بإمكاننا إقناع الأشخاص على الطرف المقابل في نقاشٍ سياسيٍّ باستخدام الأدلة، تشير أبحاثه إلى أن الطرف الآخر سيصبح أكثر ثباتًا وتصلبًا لوجهة نظره في مقابل المزيد من المعلومات. إن اكتشافاته ضربة للفرضية الأساسية للديمقراطية: وهي أن شعبًا واعيًا هو السبيل إلى حكومة فعالة.
تدعى هذه الظاهرة بـ”المنطق ذو الدوافع السياسية“، (Politically motivated reasoning)، وتُظهر أن الناس يستعملون عقولهم لحماية المجموعات التي ينتمون إليها من التصادم مع حقائقٍ غير مريحة، إن الدافع للامتثال للمجموعة أقوى من الدافع للعثور على الصواب.
ولهذا فإنه يقول أن نتائجَ آخر أبحاثه “غير متوقعة على الإطلاق“. هناك مضادٌ للتفكير ذو الدوافع السياسية كما يتضح في نهاية الأمر، وهو بسيط للغاية: الفضول.
السياسة (في العادة) تجعلنا أغبياء
تجارب كاهان وشركائه عن التفكير ذو الدوافع السياسية تنحو المنحى الآتي غالبًا:
سيقدِّمون للمشاركين مسألة حسابية ليحلّوها، مثلًا سيتم إخبارهم أنه كان هناك اختبار لعلاجٍ جديد، وسيقدم لهم أعداد من تم علاجهم ومن لم يتم علاجهم في حالة استخدام العلاج وفي حالة البلاسيبو. على المشاركين أن يقوموا ببعض الحسابات ليعرفوا هل نفع العلاج أم لا، في هذه الحالة فإن الأشخاص الأفضل في الرياضيات يميلون لاختيار الإجابة الصحيحة أكثر من ذوي المستوى المتدني في الرياضيات، لا مفاجآت هنا.
يجري كاهان بعدها النسخة الأخرى لنفس التجربة، لكن عوضًا عن تقييم اختبار دوائي، سيقدّمُ للمشاركين أرقامًا عن فاعلية قوانين منع حمل الأسلحة، هنا ينقلب الحال.
المتحزبّون ذوو القدرات الحسابية المنخفضة كانوا أكثر ميلًا بنسبة 25% للإجابة بشكلٍ صحيح حين كان الجواب مناسبًا لفكرهم وتوجهاتهم، المتحزبون ذوو القدرات الحسابية المتقدمة كانوا أكثر ميلًا بنسبة 45% للإجابة بشكلٍ صحيح حينما كان الجواب يتوافق مع توجهاتهم، كلما كان الشخص أذكى كلما كان بإمكان السياسة جعله أغبى.
لماذا؟ يقول كاهان أن الناس يستعملون تفكيرهم ليكونوا ممثلين متوافقين اجتماعيًا، بمعنىً آخر:
علينا الكثير من الضغط لنحيا حسب توقعات جماعتنا، وكلما كنا أذكى كلما سخّرنا طاقة عقولنا لنستعملها من أجل ذلك الهدف.

/المحطة/