تيار المردة بين التهم والمسؤوليات
كتب جورج سعادة شقيق يوسف الوزير السابق للمردة ::
بعد هذه المقالة ، ( فليَرجُمني مَن يرجُم ، وليَشتُمني مَن يَشتُم ) ذاك أنّني أعلَم مسبقاً أنّ قول الحقيقة مؤلِم ، فكيفَ إذا قيلَت مِن مواطِن صغير ” للكبير ” بما لم يَعتَدهُ المتملّقون والمنافقون..وما أكثرهم !!
على غِرارِ كلّ مباراةٍ رياضيّة يُسارِعُ جمهور الفريق الخاسِر والمُخَيَّب إلى ضربِ الأخماسِ بالأسداس وتوزيع التُهَم يميناً ويساراً ، تارةً للحَكَم ، تارةً لمُدافعي الفريق ، تارةً للمهاجمين وخطّ الوسط ، وتارةً للمدرِّب وخِطَطِهِ الفاشلة ، وقد يكونون في الكثير من الأحيان على صوابٍ في تحميل المسؤوليّة ( أو بعضها ) لهؤلاء كأفرادٍ أو كمجموعة ولكن : لا يجرؤ أحدٌ منهُم على إلقاء هذه المسؤوليّة على عاتقِ ” رئيس الفريق ” !!!
كم يشبه هذا الواقِع تيّار المرده بعد خسارته للإنتخابات الأخيرة حيثُ سارع جمهوره إلى توزيع التهم والمسؤوليّات تارةً على رئيس الماكينة ، تارةً على ” البوطَة ” التي تحيط بزعيمهم ، وتارةً على ” المُنتَفِعين ” الذين عجِزوا عن ” المَونَة ” على أولادهم الذينَ مَشَوا في رِكاب الثورة والثوار ، وقد يكونون ( أو هُم بالفعل ) على حَقٍ في انتقادِ هذا الأداء والمسؤولينَ عنه ( مع أنّ كلّ هذا لا يؤثِّر على ٥٠٠ صوت بالحدّ الأقصى ) ، إلاّ أنّ الحقيقة الكبرى والتي لم يتجرّأ أحدٌ على قولها ( إلاّ في الغرفِ المغلقة ) والتي هيَ لُبّ المشكِلة وما آلَت إليه حالة التيّار من تقهقرٍ وضياع هي مسؤوليّة الزعيم ، مع احترامي الكبير لهذا الزعيم !!
فلنعترف جميعاً بلا تكابُر أن المشكلة لم تَعُد بالتكتيك ( وهو مؤثّر حتماً وسأتكلّم عنه بصراحةٍ وفجاجة في مقالةٍ أخرى ) بل بالستراتيجيا والخروج عنها والضلال في الطريقِ إليها ظَنّاً من الزعيم أنّ مَن راهَن عليهِم صادقونَ في الذهابِ إليها ، حتّى بات يردِّدُ في كلّ طلّةٍ إعلاميّة ثباته في ” الخطّ ” وكأنّهُ خائفٌ أن يُدانَ في صُدقِهِ وثباته على ثوابتِ تاريخ عائلته وعلى رأسِها المرحوم الرئيس فرنجيّة الذي كان قُدوَةَ هذا الخَط والدليل في الوصولِ إليه بينما كانَ الآخرون ( وخاصةً من يتباكون اليوم على العروبة ودولها ، ليس حبّاً بها طبعاً بل بأموالها ) والذي يوم شعر في العام ١٩٧٦ بأنّ ” مسيحيّي الشرقيّة ” خرجوا عن مشرقيّتهم سيراً إلى تلّ أبيب وأميركا التي أرسلت مندوبها دين براون وبواخره الجاهزة لترحيلنا وتوطين الفلسطينيّنَ في بيوتنا وأرضنا ، إنتفض على الجبهة اللبنانيّة وخرجَ منها عائداً إلى بيئته ومحيطهِ السُنّي العربي بما تمثَّلَ يوماً باجتماعه بزعيمهم المرحوم الرئيس كرامي ، وكان يهدف من كلّ هذا لصون عروبته ومعها بلدته زغرتا والبلدات المسيحيّة المستضعفة مع قاطنيها كالقبيات وعندقت ورحبه ومنياره وغيرها من القرى المسيحيّة التي كانت لتدفعَ أثماناً باهظة لو لم يستدرك ذاك الكبير بحكمته ويلفظ مشروع ” الكتائب ” وأتباعها لتقسيم لبنان دون الأخذ بالإعتبار مسيحيّي الأطراف ، يومَها خوّنوه و” عاقبوه ” بأمرٍ من أسيادهم في إسرائيل حيثُ دفع الثمن باهظاً في ” مجزرة إهدن ” ،ورغمَ كلّ هذا بقِيَ في قصرهِ بينَ حيطانٍ أربع مُشكِّلاً مرجعيّةً لبنانيّة لا مناص من المرورِ بها قبل كلّ قرار !
وهنا فليسمح لنا حفيده وحامل إسمه بالأسئلة التاليَة ::
لِما هذا التأكيد الدائم على الثبات في ” الخطّ ” ومَن يا تُرى الذي خرج عليه ، أنتَ أم حزب الله ؟
أليسَ ” الخَطّ ” عربيّاً في حين أنّ حزب الله ينتهِجُ خطّاً إيرانيّاً عجميّاً يعادي العرب ويهدفُ إلى تقويضِ دولهِم وأنظمتهم ؟
– أليس ” الخطّ ” ( الأساسي ) هو مشروع الدولة والسيادة والقانون والمؤسّسات بينما تحوّلَ مشروع الثنائي الشيعي إلى الدويلات والمافيات والمخدّرات والإغتيالات والتشبيح ونحر العدالة والقانون وتقويض المؤسّسات ؟
– أليسَ ” الخط ” هو المقاومة لإسرائيل بينما تحوّلت ” مقاومة اليوم ” إلى حارسٍ لها لتدير سلاحها إلى داخل لبنان وتضعه في رؤوس شعبه لإخضاعه ؟!
إسمح لنا يا معالي الوزير بالقول ” هذا الثنائي خرب لبنان ولا يزال ، هذا الثنائي أتى بالفاسدين والمجرمين إلى ربوع لبنان الحبّ والسلام ، هذا الثنائي جعل لبنان سكّيناً في خاصرة العرب وأبناؤه هم مَن جُرح بهذه السكّين ، هذا الثنائي ( بشكل رئيسي دون أن ننفي مسؤوليّة الآخرين ) أفلس الدولة وجوّع الشعب وبنى دويلته على أنقاضِ الدولة ومؤسّساتها ، هذا الثنائي شرّد أبناءنا في دولِ الغُربة وكان المسؤول الأول على خسارتنا لجنى أعمارنا في المصارف والمصالح بعدما حوّل لبنان إلى موئلٍ لعصابات القتل والتهريب والتشبيحِ والتشليح ، هذا الثنائي وبالأخصّ الحزب ، ضربَ ديموقراطيتنا وحرّيتنا وسيادنا وفرض علينا مجرماً موالياً لإيران ، ولن أكمِل عدّ مآثره حتّى لا أطيل ،
فعلاما أنتَ مستمِرٌ رغماً عن إرادة قاعدتك ( إنزل إلى الشارع واسألها ) في اللحاقِ به وهو آخذٌ بنا إلى جهنّم وقد أصبحنا على مشارفها ما لم نكن في أتونها ؟
– لماذا هذا الإصرار على السير خارج سياق التاريخ والجغرافيا والواقع والبلد والمحيط والحقّ والعدالة ؟!
– لماذا معاداة الثورة وأهلها الموجوعين إكراماً له ؟!
– لماذا انتقاد بكركي والجيش نزولاً عند رغبته ؟
– لماذا طعن القضاء في قضيّة مرفأ بيروت لإبعادِ الشبهةِ عنه وتحمّل أوزار الشهداء وأهاليهم المفجوعين؟!
هذا الثنائي يا صاحبَ المعالي هو من خرج عن الخطّ وطعنك وطعننا مراراً ولا يزال ، وأخالك تحلِّل نتائجَ الإنتخابات الأخيرة وما قصد فيها من تحجيمٍ لك ولحلفائك ، أمّا إذا كان الهدف رئاسة الجمهوريّة ( وهي كذلك ) فأنا من المؤمنين بأنّكَ ستتلقّى الطعنةَ الثالثة منه ومَن يعِش يرى ( مع العلم أنّني أتمنى لك الخير حتّى تكون زغرتا بخير ) !!
إخلع عنك هذا ” المَشلَح ” القذِر الذي وسّخَ صدقَك وكرمك ووفاءكَ وآدميّتك حتّى يعودُ إليك كلّ الموجوعين والمرضى والمحتاجين الذين رأوا في انتخابك انتخاباً لهذا الثنائي المقيت…والسلام.
