إطلاق فعاليات “طرابلس عاصمة للثقافة العربية” في معرض رشيد كرامي الدولي
المرتضى: مناسبة لاستعادة طرابلس موقعها على خريطة التنمية المستدامة



أطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فعاليات “طرابلس عاصمة للثقافة العربية” في احتفال رسمي أقيم في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس بمشاركة المدير العام للألكسو الوزير ولد اعمر، وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي والوزراء في حكومة تصريف الأعمال: الاقتصاد أمين سلام، الدفاع موريس سليم ، الشباب والرياضة جورج كلاس والطاقة والمياه وليد فياض، المطران جوزيف نفاع ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عدد من السفراء العرب والنواب والمفتين والمطارنة وحشد لبناني وعربي .

بداية النشيد الوطني، ثم كلمة ترحيب من المحامي شوقي ساسين أكد فيها أن “طرابلس هي أمس واليوم وهي حاضنة العرب وخزانة ثقافتهم”.


اعمر

ثم ألقى المدير العام للالكسو كلمة قال فيها: “يسعدنا ويشرفنا اليوم أن نحضر معكم في افتتاح هذا الاحتفاء البهي، والاستحقاق الثقافي الحضاري الهام، بمناسبة اختيار جوهرة الشمال اللبناني؛ مدينة طرابلس.. عاصمة للثقافة العربية لسنة 2024. ولعل ما يزيد هذا الاحتفاء ثراء وبهجة أيضا؛  وكغيره من الاحتفائيات بمدننا العربية اعتبار مدينة القدس الشريف عاصمة دائمة للثقافة العربية؛ توأمة مع أي مدينة عربية يحتفى بها. لقد دأبت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، منذ ما يناهز ثلاثة عقود من الزمن بدءا من سنة 1996، على تنفيذ برنامج الاحتفاء بالعواصم العربية للثقافة، تخليدا للمكانة الثقافية للمدن العربية، ومساهمة في  تقديم الصورة المشرقة للثقافة العربية ونفض الغبار عن الموروث الثقافي وصيانته، وتنمية أيضا لأواصر القربى والتواصل الثقافي بين المدن والحواضر العربية.
وإذ شمل الاحتفاء حتى الآن نحو 27 مدينة عربية؛ وتضمن تنظيم معارض الكتب والفنون التشكيلية والحرف اليدوية، وإقامة ورش العمل الفنية والعروض الخاصة بالمسرح والسينما، إضافة إلى المهرجانات والمسابقات والأسابيع الثقافية، وتبادل الوفود والفرق الفنية، وإحداث المؤسسات الثقافية الجديدة، وتأهيل المؤسسات الموجودة وتطوير أدائها، ورعاية الإبداع وتشجيع المبدعين؛ فإن الاحتفاء لهذه السنة قد حط رحاله.. في جوهرة الشمال اللبناني مدينة طرابلس التاريخية، أو “طرابلس الشام”، كما كانت تعرف بذلك”.
أضاف: “إن تاريخ مدينة طرابلس اللبنانية الضارب في القدم؛ من الفينيقيين إلى الحقب الإسلامية المختلفة، إضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز، ومفردات نسقها المعماري النادر، ومكتباتها العامرة، ومعالمها الأثرية المكابدة لعاتيات الزمن ما يفوق 180 معلما أثريا، تتنوع بين مسجد وكنيسة وخان وحمام ومدرسة وزاوية وسوق، وقصور، وغيرها من المواقع والمعالم الثقافية التي تشكل وجه طرابلس الحضاري؛ كل ذلك يجعل الاحتفاء هذه السنة، بلا شك، بمدينة طرابلس؛ فرصة لإعادة اكتشافها من جديد والتعريف بتراثها وأعلامها؛ استحضارا لماضيها التليد وتطلعا إلى مستقبلها المشرق. ان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تثمن كل الجهود المبذولة من أجل إظهار مدينة طرابلس بحلتها التي تليق بها، والتي تعكس أهليتها لهذا الحدث والاستحقاق الثقافي والحضاري الهام؛ لتظل منارة حضارية كما كانت دائما، ولتكون أيضا وكحال أخواتها مدن الثقافة المحتفى بها سابقا نموذجا تحتذي به بقية العواصم العربية للثقافة.. خلال السنوات المقبلة”. 

ختم: “أجدد تحياتي لكم مرة أخرى في ختام كلمتي، كما أتمنى لكل مساعيكم وأنشطتكم الثقافية الاحتفالية المختلفة أن تتكلل بالتوفيق والنجاح، خدمة لتراثنا وثقافتنا ولتظل مدننا وحواضرنا العربية منارات معرفية وثقافية دائمة.. لا يتوقف إبداعها وعطاؤها”.


المرتضى

ثم القى المرتضى كلمة قال فيها:” الآن… هنا… يخلع التاريخ عن كتفيه ألقابه المزمنة، ويلبس مكانا واحدا من ستة حروف اسمه: طرابلس. الطاء طيب فضاء وطيبة ناسوالراء روح مدينة حدودها رائحة الجنةوالألف إيمان يجابه آلاف التحديات والباء باب يفضي إلى بركات القيمواللام لوحة حق وخير وجمال
والسين سماحة وسلام، فكيف للزمان أن يجد مكانا أرحب وأفضل وأجمل كي يلبسه؟ الآن… هنا… درة المتوسط وغالية لبنان تبسط أحضانها الفيحاء مضافة للعروبة الآتية إليها، بكامل جلالة ثقافتها، لتتوج المدينة عاصمة لها، فتعيد إلى ذاكرة ترابها ما كانته في أيامها الأولى، ذات تلاقت عليها المدائن واتخذتها مساحة حوار، وبنتها العصور منازل على وسع الحضارات، فإذا كل حجر فيها ناطق بلسان، وإذا بها ناطقة فقط بلسان عربي مبين، لا يخطئ مرة في قول السماحة والحق”.


اضاف: “طرابلس اليوم، هذه المدينة التعبى من وقر الحدثان، تدخل بنا إلى فرحها… تتسيد مائدة العرس… وتقول لنا جميعا: أهلا وسهلا، ها أنا شرعت صفاتي أمامكم فخذوها بأرفق ما تستطيعون:
أنا مدينة العلم والعلماء أنا الحاضرة المملوكية الثانية في هذا الكون، والوحيدة التي لا تزال مأهولة إلى اليوم.أنا حاضنة العروبة وحامية قضاياها أنا الفيحاء حكاية الإنسان والزمان أنا التي يقولني الدهر قصيدة على “منبر من صنع نيسان” أنا التي تكتبني السماء على الأرض بماء الزهر أنا طرابلس… وكفى بالاسم مقالا”.

تابع: “إعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024، حدث في تاريخ المدينة ولا أبهى، يزف إليها، وهي ولبنان والمنطقة في الظروف القاسية التي تعلمون. لن أترك للشجن أن يتسرب إلى مفاصل يومنا الطرابلسي السعيد، لكن لا بد من قول يقين لا يتزحزح، بأنه ينبغي لهذه المناسبة أن تكون فرصة تستعيد فيها المدينة كامل موقعها على خريطة التنمية المستدامة، نظرا لما تحتويه من مرافق اقتصادية  ومقدرات ثقافية، ومن إمكانيات بشرية ذات كفاءات عالية في جميع الميادين. فطرابلس التي احتضنت العروبة ولبنان والإنسان، علينا اليوم أن نحتضنها نحن، لتعلن عن حقيقتها المضيئة، أنها منارة على شاطئ الغد، ومختبر لكيمياء العيش في المعية على ألفة الآخر، زندا بزند وقلبا إلى قلب، في فضاء الفكر الحر والإيمان السمح ولقاء الإنسان بالإنسان. وهذا بالحقيقة مغزى الثقافة وغايتها، كما عاشتها الحضارة العربية ووزعتها على العالم أجمع. إنها تلك التي تبني الحياة بكامل تجلياتها المادية والمعنوية، وتسعى إلى إرساء السلام بين الأنام على مبدأ “لكي تعارفوا”. وهي تشهد اليوم صراعا ملتهبا وداميا بينها وبين العنصرية الصهيونية التي تقوم على رفض الآخر حتى قتله وإبادته وتدمير وجوده. وهذا ما يحدث في غزة والجنوب وغيرهما من بلادنا المقدسة. وإذا كان لجبهات القتال العسكرية مع هذه العنصرية الحاقدة أن تتأيد بعزائم المقاومين وتضحياتهم، فإن المقاومة الثقافية لا تقل أهمية عن النزال العسكري، ولهذا وجب علينا كلبنانيين وكعرب، بعد غزة ومآسيها، أن نعمل على إرساء استراتيجية ثقافية تشترك فيها جميع عناصر القوة التي نمتلك، بما فيها نعمة الاختلاف، وهي في عمقها وجوهرها قيمة إنسانية مناهضة للأحادية العنصرية التي يعيش بها ويقتات منها هذا الكيان المغتصب”.


وقال: “أعود إلى طرابلس لأشهد لها شهادة من لمس وعاين، بأن فيها من الطاقات ما لا يعد ولا يحد. إنها عاصمة بحق، جديرة بأن تطيل الجلوس على عرش المدائن، وعلى عرش القلوب. فعندما أهملت،  وهمشت وهشمت لم يتضرر أبناؤها وحدهم بل جميع اللبنانيين الذين حرموا الاستفادة من مقدراتها ومن دورها ودور أهلها الخلاصي على صعيد الوطن كله. واذا كانت طرابلس، يا صاحب الدولة، لم يتسن لها تكون العاصمة السياسية للجمهورية اللبنانية، -وهي التي كانت وما برحت تستأهل ذلك-، فإن وزير الثقافة، بصفته القيم على الملف الثقافي في لبنان، يعلن من باذنك يا دولة الرئيس، من ههنا، من معرض الرئيس الشهيد رشيد كرامي، هذه المدينة الدرة، عاصمة اولى ودائمة للثقافة في وطننا، اعتبارا من تاريخه، مع ما يترتب على ذلك من نتائج”.

ختم: “بورك في طرابلس وفي اهلها،  مبارك هو عرسها، وأهلا وسهلا بكم ايها الأشقاء الأحبة في  بهو سلطانها وبلاط محبته، والشكر الجزيل لكم على حضوركم ومحبتكم وتجشمكم عناء القدوم الى لبنان في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة،  لا سيما للأخ العزيز معالي الدكتور ولد أعمر والفرقة التراثية الجزائرية  عدلان فرقاني للمالوف التي سنستمع بالاستماع اليها بعد قليل، والشكر والتقدير ايضا لمن بذل الجهود فيما مضى لتنال طرابلس هذا الشرف عنيت به سعادة المدير العام السابق لوزارة الثقافة الأستاذ فيصل طالب اطال الله بعمره ومده بالصحة والعافية والسلام عليكم جميعا  ورحمة الله وبركاته.

ميقاتي

القى الرئيس ميقاتي كلمة قال فيها: “ايها الحفل الكريم يطل علينا في هذا اليوم، تاريخ حي نابض في الوجدان، حملته وحمته طرابلس، جيلا بعد جيل. تاريخ ليس من حجر وآثار فقط، بل من مشاعر ناس عاشوا في رحابها، في جيرة المساجد والكنائس، بين البحر والقلعة والأسواق، وعلى امتداد سماحة النفوس، ومضافة الليمون. وشيدوا لهم ولها تراثا من المودة والإيمان، ومن الفنون والعلوموالعمران، فاغتنى بهم أمسها وحاضرها، ومستقبلها الذي سنعمل كلنا ليكون مشرقا بإذن الله”.

اضاف: “طرابلس أيها السادة، مدينة ليس كمثلها أخرى، هي المسجد والكنيسة، والمدرسة والتكية، والمكتبة والجامعة، والمستشفى وسوق الفقراء، والخانات والحرف، والقلعة والمعرض، والنهر والبحر، والجزر والهضاب، والأزقة والشوارع، والحارات المملوكية والأحياء الحديثة، وهي أيضا المدينة وكل جوارها، من أعلى الثلج إلى أدنى الملح، ومن أبعد الشواطئ إلى أقرب المرافئ. لكن أهم ما فيها نسيجها البشري الذي تتداخل فيه كل عناصر الوحدة الوطنية. فهي مدينة تجذب إليها أهلها وجوارها والأبعدين، وتصهرهم في العيش الواحد، ليحققوا منها وفيها معنى لبنان الرسالة”.

تابع: “في أواسط القرن العشرين، خرجت الفيحاء من مجتمعها النهري إلى عالم الحداثة. ورافق هذا الخروج حراك ثقافي، كان عميق التأثير في بنية المدينة وتكوين أهلها، بسبب الانفتاح الكبير على الثقافات الأخرى. فأقبل الطرابلسيون على معطيات الحداثة كافة، وسط بيئة من سماحة الفكر واتساع الرؤية وتوافر المقومات، فإذا بطرابلس رائدة في تجديد عناصر تراثها. لكنها بقيت في الوقت نفسه محافظة على هويتها، فكان أهلها أمناء على عروبتهم، ملتزمين حتى الشهادة بقضايا العرب، وفي مقدمها قضية فلسطين وصولا إلى حرب الإبادة التي تشنها اليوم إسرائيل على غزة وأهلها، والاعتداءات المتمادية على الجنوب اللبناني الذي يسعى العدو إلى جعله منطقة محروقة مدمرة غير مأهولة، ولن يستطيع بالتأكيد. لعل أبرز عنوان لدخول طرابلس في الطور الجديد، هذا المعرض الذي نحن فيه الآن، والذي يحمل اسم الرئيس الشهيد رشيد كرامي. صحيح أن الاستفادة منه بالصورة الفضلى التي يتيحها موقعه وهندسته ووظيفته، لم تتحقق إلى اليوم، لكن من دواعي فرحنا في لبنان، أنه أدرج مؤخرا على قائمة التراث العالمي لدى منظمة الأونيسكو، وهذا يلقي علينا بلا ريب، مقدارا عظيما من المسؤولية للحفاظ أولا على ارث حامل اسم هذا المعرض وثانيا على هذا المعلم المعماري الفريد، واستعماله من ضمن الضوابط الفنية والقانونية المعتمدة، لتحقيق الوظيفة الوطنية التي بني لأجلها”.

وقال: “أيها الحفل الكريم لو طبقنا قاعدة تجديد التاريخ على صعيد السياسة العامة في لبنان، لما تكررت في حياتنا الوطنية الأزمات ذاتها. فحالة التعطيل التي نعيشها اليوم ليست سوى تاريخ يعيد نفسه، مررنا بها سابقا ونمر به اليوم.  بعض أهل السياسة عندنا لا يتعظون من أخطاء الماضي، بل يكررونها ملحقين بالوطن والمواطنين أضرارا كبيرة، في ظل ظروف دقيقة وخطيرة، إن لجهة الوضع المعيشي الناتج عن الحالة المالية والاقتصادية، أو لجهة الوضع الأمني الناجم عن تداعيات حرب غزة والعدوان الإسرائيلي المستمر عن الجنوب، أو لجهة الأعباء التي تلقيها مشكلة النزوح السوري على كل قرية ومدينة وحي في لبنان. فلماذا يصر البعض على استعادة الماضي بدلا من تجديده؟ ولماذا لا نبادر إلى إلغاء حالة التعطيل لكي تتمكن المؤسسات الدستورية من ممارسة دورها، بدءا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وصولا إلى تفعيل آخر إدارة من إدارات الدولة؟ والسؤال الاهم لماذا الاصرار على السلبية والتهديم ووضع العراقيل امام الحكومة التي تجهد للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها في انتظار ان يكتمل عقد المؤسسات؟ من طرابلس بالذات اكرر واوكد ان لا مكان للياس في نفوسنا ونحن عازمون على العمل بعزم وارادة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان، والتخفيف قدر المستطاع من الآم اللبنانيين ووضع الامور على سكة التعافي”.   

تابع: “أيها الحفل الكريم، قبل الختام أود أن أنوه بما قام به وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الذي نقل إقامته من بيروت إلى طرابلس لمتابعة كل النشاطات والإجراءات المتعلقة بهذه الفعالية، والذي لم يوفر جهدا في سبيل إنجاحها. وأنوه كذلك باندفاع الهيئات الثقافية في المدينة وجوارها لتحقيق الهدف نفسه خدمة للفيحاء ولبنان”.

ختم: “طرابلس تقيم اليوم بفرح عيد تتويجها عاصمة للثقافة العربية، وذلك على الرغم من قساوة الأوضاع التي تحيط بها وبالوطن. فهنيئا لها وللبنان والعرب. عشتم عاشت الثقافة عاشت العروبة عاشت طرابلس وعاش لبنان”.


لوحة تذكارية

بعد ذلك ازاح الرئيس ميقاتي والمدير  العام ولد اعمر و المرتضى و سلام ورئيس مجلس ادارة معرض رشيد كرامي الدولي أكرم عويضة اللوحة التذكارية للمناسبة .

توأمة مع القدس

ثم وقع الوزير المرتضى مع سفير  دولة فلسطين اشرف دبور ممثلا وزير الثقافة الفلسطيني اتفاق توأمة بين طرابلس والقدس عاصمتين للثقافة العربية.  وتسلم الوزير مرتضى درعا تذكارية من دبور في حين سلم ولد اعمر وزير الثقافة درع العاصمة الثقافية في حضور  الرئيس ميقاتي.

ووجهت خلال الحفل “تحية من طرابلس إلى الأشقاء في العالم العربي” فقرة فنية مع المبدعة كريستيا كساب ابنة الجنوب و”موسيقيون من أجل طرابلس” بقيادة المايسترو هياف ياسين.

اترك ردإلغاء الرد