الانهيار الإعلامي مشاكل وحلول

كتب الدكتور إياد عبيد
ألم يئن لهذا الانهيار الإعلامي أن يتوقف
بات واضحًا أن وسائل الإعلام الاجتماعي تستخدم من قبل طارئين على العمل الإعلامي، وهؤلاء الذين يدعون المهنية هم أبعد مايكون عن ذلك فتراهم من خلال منصاتهم يستضيفون عددًا لا بأس به من الصحافيين والمحللين والسياسيين على اختلاف أنواعهم ويطرحون عليهم أسئلة ساذجة جدًا من ضمن مواضيع هامة جدًا وتشغل الرأي العام في الاقتصاد والسياسة والأمن والعسكر والمال وحتى القضايا الاستراتيجية العالمية والجيوبوليتيكية، وتذيل المقابلات بعناوين تقوم على الإثارة والفضائحية بطريقة تشبه أحيانًا الصحافة الصفراء.
وإن معد المقابلة يقدم بطريقة مسلوقة أي غير ناضجة لمقابلته، ويتبين ذلك من الأسئلة الساذجة التي يطرحها والغبية أحيانًا وكذلك لمقدمته السطحية جدًا.
وكيف له أن لا يكون كذلك وهو يعمد إلى إجراء عدة مقابلات في الأسبوع وأحيانًا في اليوم الواحد. وهو أيضًا غير ملم بالمواضيع التي يطرحها وغير مثقف بها.
الأنكى من ذلك هو تهافت بعض السياسيين على حجز مواعيد لهم مع هذه الصحافة السطحية بزعم أهمية تواجدهم أو ظهورهم المستمر عل الساحة.
وليس مستغربًا أن تسود هذه الثقافة التسطيحية والتى تضرب بنيان المجتمع والأمة. السبب هو أن العامة أو الجمهور يبحث عن السهل في التعبير وفي الوصول إلى المعلومة وهذا لعمري ميسر جدًا عبر وسائط الإعلام الإجتماعي.
إن العامة أو الجمهور يستثار سايكولوجيا بالغريب والنافر والمقذع من المعلومات والعبارات، ويخضع أيضًا إلى نواميس الإثارة على اختلافها من حسية معنوية والتي تستجر الإثارة المادية.
فكيف إذا كان هذا الامر يتعلق بأمور الحرب والمال والاقتصاد والأمن وما يستلزم لها من صور تخترق صميم الذهن لأنها تتعلق مباشرة بأمن المتلقي راهنًا ومستقبلاً.
اذن لاعجب من تهافت العامة على هذه المواقع ومقابلاتها وريبورتاجاتها لأنها الأسهل بالوصول إليها ولاتكلف ماديًا ولاتتطلب الكثير من الوقت.
وكيف لا تتكاثر هذه المواقع بترهاتها ومعاهد ومراكز وكليات إعداد الصحافيين بدأت تخضع لهذه النوعية الرديئة من العمل على حساب النوعية الأصيلة وكلها بدعوى اللحاق بركب السرعة التقنية التي حركت هذا النوع من الصحافة المبتسرة. ولعل الأنكى أن بعض هذه الكليات والمعاهد أو مراكز التدريب باتت تقدم فقط الأسلوب التحريري الجديد المبستر. مما يجعل الطالب غير متمكن من منهجية التحرير الصحفي المعهودة. وإن الكثير من الكليات التي ولدت بسرعة واستنبتت لنفسها أقسام إعلامية من دون جهاز تعليمي كفوء علميًا وأكاديميًا وهو يفتقد الخبرة والأصالة هي التي تساهم بهذه الترهات العلمية والعملية في ميدان الصحافة.
في واقع الأمر لن نغالي إذا قلنا إن هذه المسميات تبحث فقط عن الربح المادي وليس التطوير العلمي في ميدان الصحافة والإعلام، ولا بد لنا ان نذكر هنا الكم الهائل من مايسمى مؤتمرات علمية إعلامية وندوات وورش عمل وبجلها غير أصيلة علميًا وإنما تستهدف الحضور ضمن مقولة نحن هنا ولاسيما إذا ما تمكنت من تأمين الدعم المادي من مؤسسات لها غايات خاصة.
عليه إننا نتوجه إلى قدامى الصحافيين والذين هم في ميدان العمل منذ أزيد من عشرين عامًا وإلى الأساتذة الأكاديميين المعهود لهم في هذا الميدان وكذلك مراكز التدريب الإعلامي المرموقة ونقابات المحررين والصحافة والمصورين الصحافيين أن يتصدوا لهذا الانهيار الإعلامي، حتى يتم تحصين الوطن والأمة.
والهدف هو تقديم مواد إعلامية خادمة للمجتمع وتهدف إلى ترقيته وتحصينه على كل المستويات الثقافية، وتقدم مواد صحفية إعلامية تطور الوعي المجتمعي من كل جوانبه، لا أن تدمر البنيان الثقافي وتجعله أسير متاهات تزعزع عرى المجتمع ثقافيًا وتهوي به إلى التضعضع والتلاشي.