ذكرى الإبادة الجماعية للإيزيديين
أُخِذتُ مع المئات فاعتدوا علينا وباعونا
/ترجمة زائدة الدندشي-الرائد نيوز/
يصادف يوم الخميس مرور تسع سنوات على أحلك يوم في حياة نادية مراد – يوم اقتحم فيه تنظيم داعش مدينة سنجار، والتي تقطنها أغلبية إيزيدية في شمال غرب العراق، وذبح فيها عشرات الرجال واختطف مئات النساء.
كان الأيزيديون، وهم أقلية دينية ناطقة بالكردية، هدفًا رئيسيًا لتنظيم داعش الذي اضطهدهم بسبب معتقداتهم. وبحلول 15 آب، كان التنظيم قد وصل إلى كوتشو، وهي منطقة زراعية في معظمها يقطنها 1700 شخص على بعد 20 كيلومترًا إلى الجنوب.
وهناك أُبعدتْ مراد عن أمها، وإخوتها وزملائها الذين أُعدموا مع 600 آخرين، ثم نقلت مع مئات الفتيات والنساء الأيزيديات الأخريات إلى الموصل، ليتم استعبادهن واغتصابهن وبيعهن من قبل مقاتلي داعش.
ولكن في غضون أسابيع هربت، وبحلول أوائل عام 2015، وجدت نفسها تعيش في حاوية في مخيم للاجئين في مدينة دهوك، وانقلبت حياتها رأسًا على عقب.
ومنذ تلك الأيام المظلمة، ظلت مراد، البالغة من العمر 30 عامًا، واحدة من أشهر المدافعين عن الناجين من العنف الجنسي في الحرب. لكن الحائزة على جائزة نوبل للسلام في عام 2018 لا تزال غاضبة.
“جئت بملئ إرادتي لأروي قصتنا- أردت أن أكون آخر فتاة تتحمل هذا الأمر”، تقول لجريدة “ذا ناشونال”.
“ولكن منذ عام 2014، تعرضت آلاف أخريات من النساء للاغتصاب وسوء المعاملة في مناطق الصراع. إنه فعلًا لشيء صادم كيف يمكن للعالم أن يتأقلم مع الأمر بسعادة.
“إنني أشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب عدم وجود إرادة لدى المجتمع الدولي لمعالجة العوامل التي تجعل النساء والفتيات عرضة للعنف الجنسي في حالات الصراع.”
“بل كأنه إنه يقول، “يمكنك الاغتصاب، يمكنك الاعتداء، ويمكنك استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب، وكل ذلك دون عقاب”.
فالمتشددون في جميع أنحاء العالم، في روسيا والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن يغتصبون النساء ويفلتون من العقاب.”
يُعتقد أن أكثر من 2000 امرأة وطفل إيزيدي ما زالوا أسرى لدى إرهابيي داعش أو أنصارهم في المناطق الحدودية النائية في شمال العراق وسوريا.
وأصدرت المنظمة يوم الخميس تقريرها عن حالة سنجار لعام 2023، الذي وجد أن أكثر من ثلث الإيزيديين الذين نزحوا بسبب غزو داعش في عام 2014 لم يتمكنوا حتى الآن من العودة إلى ديارهم.
وتقول مراد: “بحلول الوقت الذي هزموا فيه في عام 2017، كانت نسبة 80 في المئة من البنية التحتية و 70 في المئة من المنازل مدمرة.”
“لذا فإن مئات الآلاف من الأيزيديين عالقون في مخيمات للنازحين – وأحيانًا على بعد ساعتين فقط من منازلهم القديمة.”
في حزيران، تم إنقاذ ست نساء إيزيديات اختطفن وهنّ أطفالٌ في 2014 في سوريا وتمت إعادتهم إلى كردستان، حيث يخضعن للرعاية النفسية والاجتماعية.
وفي أيلول الماضي، تم إنقاذ امرأة تبلغ من العمر 18 عامًا كانت قد اختطفت من نفس قرية مراد وفي نفس الوقت تقريبًا الذي نقلت فيه من مخيم الهول في شمال شرق سوريا بعد أن كشفت القوات الكردية التي تحرس المخيم عن أنشطة سرية لداعش هناك.
تقول مراد، “إن النساء اللواتي نجونَ من العنف الجنسي المرتبط بالصراع هن في أفضل وضع لمعرفة الدعم الذي يحتجن إليه.”
لكنها تحتاج إلى تعويضات، ويمكن أن يكون ذلك في شكل أموال أو مأوى أو رعاية صحية، وتحتاج إلى تحقيق العدالة.”
بالإضافة إلى تأسيس مبادرة نادية في العام 2018، أنشأت مراد الصندوق العالمي للناجين، وهي منظمة تعمل على المساعدة في تأمين التعويضات للناجين من العنف الجنسي في الحرب، جنبًا إلى جنب مع دينيس موكويغي، التي تقاسمت معها جائزة نوبل للسلام. وفي سنجار، تركز مبادرة نادية جهودها على مساعدة المجتمع الإيزيدي على إعادة إحياء بعض مظاهر الحياة الطبيعية.
ومع مقتل الكثير من الرجال الإيزيديين أو فقدانهم حتى الآن، تلعب المبادرات الداعمة للأسر التي تقودها النساء وشركاتهن دورًا رئيسيًا في مساعدة المجتمعات المحلية على إعادة بناء حياتها. وهذا يعني بناء مدارس جديدة ومرافق لرعاية الأطفال، فضلاً عن البنية التحتية للمياه والكهرباء.
في الأشهر الأخيرة، عادت مراد إلى قريتها كوتشو، حيث تم في شباط 2021 إعادة دفن رفات أكثر من 100 شخص قتلهم تنظسم داعش. “كان ذلك موجعًا”.
إلى جانب تحديات إعادة بناء حياتهم، لا يزال الإيزيديون في العراق يواجهون خلافات مع جماعات أخرى. ففي نيسان، اتُهم الأيزيديون في مدينة سنجار بإشعال النار في مسجد، مما أشعل حملة كراهية على الإنترنت ضد أعضاء الجماعة.
وقد هاجر كثير من اليزيديين إلى أوروبا أو كندا خوفًا من الأعمال العدائية من الجماعات الأخرى، ولا يزالون يعانون من آثار الصدمة جراء أحداث السنوات الأخيرة. كذلك هناك قصص مفجعة لأطفال تم إنقاذهم بعد سنوات من الأسر، نسوا عاداتهم وهويتهم وعائلاتهم اليزيدية، مفضلين العودة إلى آسريهم من داعش.
والتحدي المتمثل في ضمان تحقيق العدالة للناجين من العنف الجنسي قبل فوات الأوان تحد كبير بالنسبة ل “مراد”.
“إن ما يثبطني هو القادة الذين لدينا الآن.”
وأضافت أن “السياسيين كانوا أبطأ من أن يحاكموا أعضاء داعش ويبدو أنهم راضون عن السماح للاغتصاب بأن يكون أثرًا عَرَضيًا مقبولاً للحرب.”

/مترجمًا عن: ذا ناشونال نيوز/