أين هو مركز الثقل في الحرب السودانية؟
يتركّز القتال في السودان بين الجيش بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة اللواء محمد حمدان دقلو “حميدتي”، حول عدّة نقاط حاسمة، تعتبرها القوى المهاجمة أي قوات الدعم السريع، “مفاتيح” لضرب “مركز الثقل” لدى القوى المدافعة المتمثل بمنظومة القيادة والسيطرة في الجيش السوداني، المتمركزة في العاصمة الخرطوم، الذي وبمجرد ضرب مركز الثقل الإستراتيجي سيجبر البرهان على التفاوض أو يؤدي إلى خسارة محتّمة له.
بقعة الإشتباكات الرئيسية تتركّز في العاصمة الخرطوم، حول النقاط الحاسمة الثلاث، القصر الجمهوري والقيادة العامة والمطار. أيضاً هناك إشتباكات في أم درمان حيث تمكّنت قوات الدعم السريع من إسقاط طوافتين قتاليتين تابعتين للجيش السوداني، ممّا يبيّن قدرة الدعم السريع على الدفاع الجوي. أيضاً هناك إشتباكات في عدة مناطق متباعدة في السودان مما يجبر الجيش السوداني على نشر قدراته القتالية المتفوقة عن قوات الدعم السريع على عدّة محاور.
في ميزان القوى فإن الجيش السوداني يمتلك الطائرات الحربية والطوافات القتالية(حوالي 82 قبل بدء المواجهات) والمدفعية الثقيلة، جميعها لا تمتلكها قوات الدعم السريع. لكن الجيش لا يمتلك أعداداً كبيرة من الطائرات والطوافات تمكّنه من تغطية الإشتباكات على كافة الأراضي السودانية. هذا التشتيت متعمّد من قوات الدعم السريع لتركيز القتال في العاصمة حول النقاط الحاسمة ليتمكّن من ضرب منظومة القيادة والسيطرة لدى الجيش السوداني.
لم يتمكّن الجيش السوداني حتى اليوم من تأمين مباني القيادة العامة والمطار والقصر الجمهوري، وحتى مطار مروي العسكري. لذلك من الواضح أن إدارة المعركة من جانب الجيش السوداني ضعيف ويبيّن فشل تقدير الموقف العملاني وسوء إستغلال القدرات القتالية، فالقيادة والسيطرة تسير حسب مناورات قوات الدعم السريع فلا يمتلك الجيش المبادرة بل ردّة الفعل. أما من جانب قوات الدعم السريع الذي كان يمتلك المبادرة (الهجوم)، أهم عناصر مبادئ الحرب التسعة، لم يتمكن من احتلال النقاط الحاسمة في العاصمة بالرغم من التخطيط والإستعداد.
هناك ثلاثة إحتمالات لعدم قدرة الدعم السريع من إحتلال النقاط الحاسمة، أولا لا يوجد خبرة لدى عناصره، ثانياً، ضعف قيادته في إدارة المعركة والإقتصاد بالقوى أي أنه صحيح لا يملك العتاد نسبةً للجيش السوداني، لكنه يمتلك العتاد الكافي للسيطرة على تلك النقاط الحاسمة، وبالتالي لم تتمكن قيادة الدعم السريع من استعمال قدراتها القتالية من عديد وعتاد بأكثر فعالية في الجهود الرئيسية للسيطرة على مقر القيادة العامة والقصر الجمهوري والمطار وحتى لم يستطع السيطرة على التلفزيون الرسمي، ويمكن أن يكون قد خصّص قدرات قتالية أساسية في الجهود الثانوية أي في المناطق البعيدة المنفصلة عن مركز الثقل الإستراتيجي (العاصمة الخرطوم).
ثالثاً، يمكن أن يكون الإستعلام التكتي الواجب القيام به قبل الهجوم قد أخطأ تقدير قدرة الجيش السوداني الدفاعية خصوصا الإستراتيجية الدفاعية عن النقاط الحساسة مثل المطار الدولي أو مطار مروي العسكري و القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة وركّز على تشتيت القوى المدافعة من خلال فتح عدّة جبهات تفوق قدرته على تأمين القدرات القتالية الأساسية حول النقاط الحاسمة.
الانتقال إلى حرب الشوارع إيجابية لقوات الدعم السريع لكنها ستؤدي إلى إطالة الحرب وزيادة الخسائر المادية والبشرية، ويمكن أن تكون مدمّرة للبنى التحتية السودانية إذا قرر الجيش السوداني حسم المعارك داخل المدن والشوارع وذلك بإستخدام المدفعية الثقيلة والغارات الجوية، وإعتماد استراتيجية الأرض المحروقة.

/رواد مسلم- نداء الوطن/