الطبقة الوسطى في لبنان تختفي مع انهيار الاقتصاد



/ترجمة زائدة الدندشي-الرائد نيوز/



بعد سنوات من الأزمات السياسية والاقتصادية، تغيرت التركيبة السكانية في لبنان، ولكن ليس نحو الأفضل. ويعتقد الخبراء أن التفاوت البنيوي لن يتسع إلا في المستقبل البعيد.



تحولت العاصمة اللبنانية بيروت إلى مدينة للتناقضات. فالسيارات الغالية الثمن تركن أمام المطاعم والحانات الشعبية، في حين يطوف قسم كبير منهم من كل الأعمار في الحاويات بحثا عن شيء صالح للأكل.

وقالت آنا فليشر، رئيسة مكتب مؤسسة هاينريش بول الألمانية في بيروت، لوكالة الأنباء الألمانية “يزداد أيضًا عدد المتسولين في الشوارع، وخصوصًا الأطفال وكبار السن”. وفي حين أنه من الصعب تحديد الجنسية اللبنانية، تقول “يمكن الافتراض أن هناك الكثير من اللاجئين السوريين، ولكن هناك لبنانيون أيضًا”.

فقد أدت سنوات من عدم الاستقرار السياسي المصحوب بأزمة اقتصادية مستمرة – تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت في آب 2020 – البلاد على الانهيار.

ووفقًا لتقرير البنك الدولي، فإن لبنان لا يعتبر “من بين البلدان ذات أشد الأزمات في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر” فحسب، بل من المرجح أيضا أن “يؤدي الفراغ المؤسسي غير المسبوق إلى مزيد من التأخير في أي إتفاق بشأن حل الأزمات والتصديق على الإصلاحات الحاسمة، وتعميق محنة الشعب اللبناني”.

تلاشي الطبقة الوسطى وزيادة الجوع
فبعد سنوات من الانكماش الاقتصادي الهائل، إلى جانب خفض قيمة عملتها بنسبة 95 في المئة، اختفت الطبقة المتوسطة اللبنانية عمليًا. في آذار 2020، صنف البنك الدولي لبنان إلى بلد منخفض الدخل و متوسط الدخل.

وفي هذا الإطار، قال حسين شعيطو، خبير اقتصادي في التنمية في مركز المبادرة للأبحاث ومقره بيروت، في حديث لموقع دويتشه فيرغن: “كان الشخص الذي يكسب 1500 ألف ليرة لبنانية يحصل على ما يعادل ألف دولار قبل الأزمة، والآن يعادل أقل من 200 دولار”.

وفي منشور صدر مؤخرا عن منظمة هيومن رايتس ووتش في لبنان حول ارتفاع معدلات الجوع والفقر، قالت لينا سيميت أن “ملايين الأشخاص في لبنان قد دفعوا إلى براثن الفقر وخفضوا من تناول الطعام”. وأشار كبير الباحثين في العدالة الاقتصادية في منظمة هيومان رايتس ووتش إلى اتجاهات مقلقة لانعدام الأمن الغذائي في أدنى شريحة من أصحاب الدخول.

كما حافظت المصارف اللبنانية على سعر صرف دولار واحد إلى 1500 ليرة لبنانية بحسب حساباتها المصرفية على مدى السنوات ال 20 الماضية. ومع ذلك، تم تحديث هذا المبلغ إلى 15،000 ليرة لبنانيّة في 1 شباط. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يزيد عشر مرات عن ذي قبل، إلا أنه ما زال بعيدا عن سعر الصرف المستخدم فعليًا في السوق السوداء. ويبلغ السعر الحالي 80 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد.

ومن ناحية أخرى، بالنسبة لأولئك الذين يعملون في شركات دولية أو لديهم وسائل أخرى للوصول إلى الدولارات، أصبحت الحياة رخيصة نسبيًا، وهو ما يفسر أيضًا أمكنة الكوكتيل المزدهرة والمطاعم المحجوزة بالكامل.

دولرة الاقتصاد
تقول لين زوفيغيان، المؤسسة المشاركة والمدير الإداري للشراكة زوفيغيان، وهي منصة استثمارية اجتماعية تملكها العائلات وتعمل على تطوير التدخلات الاجتماعية والاقتصادية التي يقودها البحث، في حديث إلى DW: “الحقيقة اليوم هي أن أحد أهم مصادر الدخل للعائلات هو التحويلات المالية من أفراد الأسرة الذين يعيشون في الخارج”.

وقالت “إن القطاع الخاص المنهار والانكماش المتوقع للقطاع العام، هو الذي يؤدي إلى إرتفاع نسبة البطالة”، مضيفة أن “لبنان يمر أيضا بعملية تحول فعلي في اقتصاده إلى الدولار، ولكن ليس بالقانون أو السياسة. وهذا يحدث من دون ضوابط على الأسعار أو عقوبات على التجاوزات المالية.
في هذه الأثناء، أدت المحادثات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الموظفين على برنامج تبلغ قيمته حوالي 3 مليارات دولار على مدى الأشهر ال 46 المقبلة. غير أنه لم تدرج خطة للانتعاش المالي لحماية الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.

وقال شعيطو “ثلاثة مليارات دولار لن تكفي لاعادة البلاد إلى الوقوف على قدميها نظرًا لحجم الخسائر في القطاع المالي والتي تبلغ 70 مليار دولار على الاقل”.

وعلاوة على ذلك، سلط اتفاق صندوق النقد الدولي الضوء على أنه نظرًا لضعف حالة الحكومة اللبنانية والقطاع العام، ينبغي على لبنان التركيز على الشركات المملوكة للدولة وخصخصة الخدمات الاجتماعية والعامة، كما قال شعيطو لموقع دويتشه فيله.

تثبيت الاقتصاد الكلي
وقال ما هى الضمانات التى تمنع الشركات الخاصة من المشاركة في إرتفاع الاسعار والتضخم الذى شهدناه في أميركا اللاتينية؟ وهذا قد يعني أن الأغنياء جدًا هم وحدهم الذين سيتمكنون من الوصول إلى الخدمات.

وهو يرى أن استقرار الاقتصاد الكلي هو الحل الوحيد لإنقاذ البلد من الانهيار، ومعه، غالبية السكان.

وقال “أتطرق إلى إعادة توزيع الخسائر في القطاع المالي بما يضمن وجود خطة واضحة للانتعاش المالي تحمي بالأساس الأصغر سنًا من المودعين ومن لديهم دخل متوسط أو منخفض”، مضيفًا أن “ثروتهم يجب إعادة رسملتها، ومن دون ذلك سيكون من المستحيل فعلا تقليص الفجوة في الدخل”.

/دي دبليو ألمانيا/

اترك ردإلغاء الرد