“تاريخ طرابلس الإقتصادي في القرن الثامن عشر”

أطروحة دكتوراه قدمتها للجامعة اللبنانية الطالبة:/د. غنى مراد _خاص الرائد نيوز /

تناولت فيها الحديث عن مدينتي طرابلس التي كانت مركزاً إدارياً مهماً بالنسبة للولاية نتيجة الإيرادات الضخمة التي كانت تجنيها للخزينة ما جعلها محط اهتمام العثمانيين في ذلك الوقت. تأتي أهمية هذه الأطروحة أنها تعتمد بشكل أساسي على أهم مصدر لكتابة التاريخ ألا وهو وثائق سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس. تناولت في هذه الأطروحة الدورة الإقتصادية التي كانت ناشطة آنذاك من خلال الإعتماد على دعائم وركائز إقتصادية أساسية تمثّلت بالقطاعات الحيوية الموجودة في المدينة. كما سلطت هذه الأطروحة الضوء على مكانة وجغرافية المدينة الاستراتيجية، والتنظيم الإداري الذي ساهم بتنظيم الحركة الإقتصادية من حيث الإشراف والرقابة. ومن اهم القطاعات الحيوية التي قام عليها اقتصاد المدينة هو القطاع الزراعي وحسن استغلال الأراضي والذي قامت عليه الصناعات المحلية والحركة التجارية. فقد لبّت المهن والحرف اليدوية حاجات السوق وتم تصدير الفائض من إنتاجها إلى الخارج والملفت للنظر في هذه الحرف هو هيكلها الإداري وتقديس أعرافها وقوانينها وحسن تنظيمها الداخلي الذي ساهم في عملية الإشراف والرقابة وسهولة جباية الضرائب نتيجة حصرهم في أسواق خاصة لمهنهم. كما تمّ استقراء دور الوقف بنوعيه الخيري والذري والذي اعتبر في تلك الفترة مورداً إقتصادياً هاماً للمدينة، وذلك عن طريق استثمار كافة العقارات الوقفية سواء المبنية منها أو الزراعية لاسيما وأنّ غالبية عقارات المدينة كانت وقفية. ونظراً لأهمية مرفأ طرابلس في تلك الفترة كان لا بدّ من تخصيص فصل خاص متعلّق بالتجارة بشقيها البرية والبحرية، ومعرفة حجم السفن التي كانت ترسو في هذا الميناء ونوعيتها سواء أكانت أجنبية أو عربية، حيث كان المرفأ محطة رئيسية للموانىء الساحلية وللولايات الداخلية.

إلى جانب هذا الإزدهار الإقتصادي كانت هناك عوامل ساهمت في إضعاف وتراجع الحركة الاقتصادية نهاية فترة القرن الثامن عشر، والتي تمثّلت في زيادة الرسوم والضرائب وإرتفاع في قيمتها، حتى أصبحت ثقلاً على كاهل التجار والمزارعين والحرفيين. هذا عدا عن الامتيازات التي كانت تمنحها الدولة للتجار الأجانب، والإعفاءات التي حظيَ بها بعض التجار المحليين ورجال الدين، ما خلق جواً من التمايز وعدم التساوي بين أفراد المجتمع فنتج عن ذلك سلسة اضطرابات وإنتفاضات شعبية كان لها دورها في إنعدام الأمن والاستقرار السياسي وهجرة العديد من التجار للمدينة، ما أدّى إلى تراجع نشاطها الإقتصادي.

اترك ردإلغاء الرد