سوق البالة والـ”outlet” يزدهر هكذا تدخل لبنان

ازدهرت مع تفاقم الأزمة الإقتصادية في البلاد وانعدام القدرة الشرائية لدى معظم اللبنانيين، الا للضرورة، تجارة الألبسة المستعملة، وراجت المحلات التي تعرف بالـ “outlet”  بعد مغادرة الماركات العالمية الأسواق المحليّة، ونشط أيضا سوق الألبسة المستعملة أو الـ “باله” الذي لاقى رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة لا سيما في المناطق الفقيرة، وخصوصا بعدما انتقل الى الـ”أونلاين”.

تعمل سناء في إحدى مدارس العاصمة الراقية، ومع ذلك لاحظت، بعد العودة الى التعليم الحضوري هذا العام، تغيّرا ملحوظا بلباس التلاميذ كما المعلّمين والمعلّمات، فبعد أن كان لكلّ يوم حذاء مختلف عن اليوم الذي سبقه بات لكلّ فصل حذاء واحد أو بحدّه الأقصى إثنان.

عن الألبسة، فتشير سناء الى أنّ “الماركات إختفت تقريبا عن الملابس”، أمّا من لا يزال يرتديها فترجّح أنها أرسلت له من الخارج، وأنّ أغلبها من السنوات السابقة أو إبتاعها من إحدى محلات الـ “outlet”.

أمّا نحن، المعلّمون والمعلمات، فملابسنا من السنوات السابقة، والتجديد ومواكبة الموضة الرائجة لم يعد يدخل في صلب أحاديثنا ولا أولوياتنا خصوصا أنّ رواتبنا لا تكاد تلبّي كلفة النقل إضافة الى حاجاتنا اليومية وحاجات عائلاتنا، من مأكل ومشرب ومصاريف أخرى، كما تذكر.  

لسناء إبنتين، وعلى أعتاب فصل الشتاء، خصصت لهنّ راتب الشهر الحاليّ لتأمين حاجاتهنّ، ألقينا نظرة سريعة على مواقع المحلات التي اعتدنا الشراء منها، فوجدنا أنّ القطعة الواحدة تخطى سعرها المليون ونصف المليون ليرة لبنانية لتصل في بعض الأحيان الى 7 ملايين وأحيانا أكثر، أّمّا الـ “outlet” فالأسعار “نار” كما تقول سناء، لذلك “ذهبن سويا في نهاية الأسبوع المنصرم الى أسواق طرابلس، حيث ابتعن حاجاتنا من ملابس وجاكيتات وأحذية وشتويّة”.

وعن تجربتها في زيارتها الأولى لـ “الباليه” تشير سناء الى أنّ السعادة لم تكن تغمرها، وأنّ بناتها لم يرتحن كثيرة لهذه التجربة، ولكن “للظروف أحكامها”.  

ولفتت الى أنّ الأسعار في “الباليه” مدولرة مع فرق بسيط أنّ المساومة مع التاجر على الأسعار ممكنة، ومع ذلك فالقطع الموجودة ليست “آخر موضة” لكنها من نوعية جيّدة جدا وبعضها من “ماركات” عالمية.

من أين تأتي هذه القطع؟

رئيس “جمعية تجار بربور” رشيد كبة أشار في حديثة لـ “المركزية” الى أن تجارة هذا النوع من الألبسة الى تزايد في لبنان في ظلّ الظروف الراهنة، فنسبة المواطنين القادرين على شراء الملابس الجديدة بأسعارها الحالية تدنّت بشكل لافت، أضف الى ذلك فهذه الظاهرة تلقى رواجا أيضا لدى النازحين.

واذ يلفت الى أنّها تجارة مربحة، كون فيها “defaut de fabrication” أو هي “fin de serie” (هذه الفئة تباع عادة في الـ “outlet”) حيث يقوم البائع بإصلاح هذا الخلل ومن ثمّ يبيعها كقطعة جديدة بسعر زهيد. يشير الى أنّ “الباله” تصل لبنان في أكياس من الخيش كبضاعة مخفيّة، ثمّ يقوم التجار بفرزها ومن ثمّ بيعها.

10% من هذه السلع تشحن على أساس هبة من الجمعيات الخيرية في الخارج وتسلّم الى جمعيات محليّة، لتوزّعها مجانا، كنوع من المساعدات للسكان والقاطنين، لكنّ بعضا منهم يسعرها ويبيعها.

ويضيف: 70% منها تدخل عبر المعابر غير الشرعية، “تهريب”، لتفادي دفع رسومها، وتخفيف الكلفة.أمّا الـ 20 % الباقية فتدخل بطريقة شرعيّة الى البلاد. ويلفت الى أنّ سوق هذه الملابس ينشط بشكل لافت في صبرا، وبرج حمود، وطرابلس، وسوق الأحد، والنبعة، والضاحية، والبقاع، الجنوب..

 ورغم ذلك، لاحظ رواد هذا السوق أنّ أسعار محلات “البالة” لحقها ارتفاع ملحوظ  بالأسعار، وباتت تضاهي أسعار بعض الألبسة الجديدة ومنها الرائجة بالتجارة الالكترونية والمستوردة بغالبيته من الصين وتركيا. 

في ظل اشتداد الازمة والانهيار الاقتصادي، فقدَ اللبنانيون نمط حياة “اللوكس” التي اعتادوها لعقود، فهل تنتهي المحنة وتعود الحركة الى الاسواق والماركات العالمية الى اعادة فتح محالها في لبنان، ام ان زمن الاول تحوّل، وانطفأت منارة لبنان، كما اعلن الرئيس نجيب ميقاتي في خطابه امام المجتمعين في القمة العربية منذ يومين؟

/ المركزية /

اترك ردإلغاء الرد