“التجهيل والتهجير” مشروع دولي بأيدٍ لبنانية


/رأي نوال حبشي نجا_الرائد نيوز/

يغادرُ عددٌ من النّاس سنويّاً من بلادهم والأراضي التي يعيشون عليها إلى بلادٍ أُخرى، وعادةً ما تختلفُ بالثّقافةِ والعادات والتّقاليد الاجتماعيّة عن بلادهم، فيُجبرون على التّأقلمِ حتى يتمكنوا من العيش في مجتمع جديد وصلوا اليه، خصوصاً في حال كانت إقامتهم فيه دائمة بعد مُشاركتهم في رحلةٍ طويلةٍ للسّفر من دولتهم إلى الدّولة الجديدة التي سيعيشون على أرضها، ويطلقُ على هذه الرّحلة التي تُؤدّي إلى استقرارِ الأفراد في دولةٍ ما بشكلٍ دائم مُسمّى الهجرة.

أرقام مخيفة للهجرة
يقدّر معدل الهجرة الصافي من لبنان بنحو 20 شخصاً لكل 1000 مقيم. وما حصل في السنوات الخمس الأخيرة يشبه إلى حدّ كبير ما حصل خلال الفترة الممتدة بين 1973 و1978، أي بداية الحرب الأهلية. ففي تلك الفترة، ارتفع المعدل الصافي للهجرة من لبنان إلى 22 شخصاً لكل 1000 مقيم، وهو ارتفاع يكاد يكون مماثلاً لما حصل بين منتصف 2017 لغاية منتصف 2022، إنما مع توقعات بأن يصبح المعدل في 2023 نحو 24.5 شخص لكل 1000 مقيم.

مصدر هذه الأرقام هو «macrotrends.net»، ويكاد يكون التقدير الوحيد المنشور عن الهجرة في لبنان، ولا سيما الذي يتيح المقارنة بين فترات سابقة والفترة الراهنة. لكن لدى قوى السلطة في لبنان أرقاماً غير منشورة مصدرها الأمن العام اللبناني، تفيد بأنه في السنوات الـ15 الأخيرة، هاجر من لبنان أكثر من مليون شخص. وهناك نسبة كبيرة من هذه الهجرة حصلت في الفترة الممتدة بين 2018 و2022، وهي مسار لم يتوقف بعد، أو لم تطرأ عليه تغييرات جوهرية. بل إن التوقعات تشير إلى أنه في الفترة المقبلة ستزداد حدّة الأزمة وستحصد معها مهاجرين أكثر.

وفي دراسة بحثية أجرتها شركة “الدولية للمعلومات” اللبنانية (خاصة)، بشأن أعداد المهاجرين والمسافرين من البلاد.
أفادت الدراسة بأن “عدد المهاجرين والمسافرين اللبنانيين في عام 2021 بلغ 79 ألفا و134 شخصًا، مقارنة بـ 17 ألفا و721 شخصا في عام 2020، أي بنسبة ارتفاع تبلغ 346 في المئة”.

أسباب الهجرة
تعود هجرة المواطنين من بلدهم الأمّ، لأسباب عدّة أهمها: الفقر والعوز نتاج البطالة، الخوف والزعر في نفوس المواطنين بسبب عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي، ضياع حقوق المواطن في الحقوق الدنيا للعيش الكريم من: علم بالدرجة الأولى والذي يجب أن يتوفر مجانًا كما كلّ دول العالم، طبابة، كهرباء، ماء، ضمان صحي يشمل كل المواطنين وخصوصاً المسنين.

لتلك الأسباب تتألف الحكومات في الدول، لأمان المواطنين، وضمان حقوقهم، وتأمين متطلباتهم. في وطني لبنان تتشكل الحكومة بعد أخدٍ وردّ، استشارات وأقاويل، مباحثات واتصالات، اجتماعات مكثفة ومشاوير صعودًا/هبوطًا من وإلى بعبدا، لتنتج عنه حكومة عدد وزارئها أكثر من عدد المناطق اللبنانية ليكون أعظم انجازاتها فرض ضرائب جديدة على المواطن المنتوف أصلًا ويعتاش ببضعة دولارات، مساعدات من ذويه في الخارج. أو لفرض مرسوم تجنيس اللاجئين مقابل نسبتهم من الدولارات ودمج أبناء النازحيين في التعليم الرسمي مع تقليص منهاج الطالب اللبناني.

ما المقصود من هذه القرارات؟
التجهيل المتعمد للطلاب والتضييق على المواطنين من كل الجهات الحياتية، مما يشكل ضغط نفسي ويدفع تلقائيًا للتفكير بالهجرة دون تردد، ودون أسف على وطنه الذي كفر به وقرر الذهاب بلا إياب.

الآفة المتفشية في الساحل اللبناني
الهجرة السريّة: هي من أخطرِ أنواع الهجرة؛ إذ تعتمدُ على الهروب السريّ من دولةٍ إلى أُخرى دون استخدام وثائقٍ ثبوتيّة، أو أيّ أوراقٍ رسميّة، وغالباً ينتجُ عن هذا النّوع من الهجرة العديدُ من النّتائج السلبيّة على المُهاجرين، مثل: القبض عليهم، أو تعريض حياتهم للخطر، والذي قد يُؤدّي بهم في النّهايةِ إلى الموت.

الخلاصة: يسعى الأفراد عموماً في البحث عن حياةٍ أفضل، لذلك يختارُ مُعظمهم الهجرة إلى دولٍ وأماكنٍ جديدة تُساعدهم على تحسين مُستوى حياتهم المعيشيّ، أو للهروب من الاضطرابات السياسيّة والحروب، ولكن قد تُشكّلُ الهجرة مجموعةً من الآثار على المهاجرين والدّول التي يتوجّهون لها، فتُوثّرُ الهجرةُ على بعضِ الأفراد من خلال صعوبة تأقلُمِهم مع طبيعةِ الحياة في البلد الجديد، وخصوصاً مع ظهور الاختلافات الثقافيّة والاجتماعيّة، وأيضاً لا يجد الكثير من المهاجرين سوى الأعمال الصّعبة للعمل بها، والتي تستغرقُ ساعات عملٍ طويلة، وأجورٍ مُنخفضة، وظروف عمل صعبة.

تؤثرُ الهجرة على الدّول ذات الكثافة السُكّانية المُرتفعة، ممّا يُؤدّي إلى زيادةِ مُعدّلات البطالة والفقر، وظهورُ العديد من النّتائج السياسيّة والاقتصاديّة التي تُؤثّرُ سلباً على مُعدّلاتِ الدّخل العام في الدّولة، لكن يُعتبرُ هذا التّأثير مُتبايناً ويعتمدُ على قياس الأوضاع الاقتصاديّة والسياسيّة بين البلدان؛ فالدّول التي تتميّزُ باستقرارٍ اقتصاديّ وسياسيّ هي الأفضلُ لاستقبال المُهاجرين.

إلى أين تأخذنا يا وطني بالعذاب، نمشي ويتكاثف الضباب، نتمسك بالسؤال هروبًا وندرك الجواب …

اترك ردإلغاء الرد