ديوان ” أرجوحة المعنى ”

للشاعرة دلال موسى صدر حديثاً عن منشورات شاعر الكورة الخضراء : شغف وعشق و قصائد تحمل صرخة شاعرة في وجه التقاليد ولصوص الوطن

كتب يوسف رقة :

.. الشاعرة دلال موسى , الشابة الآتية إلى الشعر من بلدة محربون الشهيرة بنقاء مياهها العذبة وأشجارها الخضراء المثمرة والقابعة على الحدود اللبنانية _ السورية في محافظة بعلبك / الهرمل , لفتت أنظار الاوساط الثقافية بمتانة بعض قصائدها واتقانها لنمط الأداء والإلقاء الشعري حيث تعرفت عليها هذه الاوساط وأبهرتهم يوم حازت على جائزة الأديب والشاعر اللبناني الكبير الياس أبو شبكة .

اليوم , صدر ديوانها الأول ” أرجوحة المعنى ” بمبادرة من منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحاده واستلمت من رئيسته الشاعرة ميراي شحاده نسخة من الديوان حيث حملته وحلّقت سريعا بين أبيات قصائده المتنوعة بين العشق والوطن والصراع الذي تعيشه الفتاة الشرقية بين التقاليد السائدة ونزعتها إلى الطيران نحو الحرية .

كلمة الإهداء :
تقول الشاعرة : ” للفقرِ الذي جعلني غنيّة الروح والنفس، للشّعر الذي منحني بطاقة هويّة لا تقف في وجهها الحدود، لروح الكبيرعبدالله شحاده ترفعها ابنته الملاك ميراي شحاده منارات هداية ويقين، ولقلبٍ أحبني وآمن بي، ولأمّي كتبتُ بدمعها وتعبها أولى الكلمات.” .

الشاعرة دلال موسى تصف الواقع المؤلم الذي تعيشه الفتاة الشرقية في مجتمعنا من خلال قصيدتها التالية :

الجارية
أنا مثلُ جاريةٍ أُباعُ وأُشترى

وإذا رفضتُ

دمي كنهرٍ قد جرى

أهلي خصومُ العقلِ

عمري علقمٌ

وجميعُهم قاموا عليَّ كعنترهْ

فكأنني مثلُ الأسيرةِ بينَهم

قدري انصياعي

أو يواروني الثرى

يتحكّمون بكلِّ صوتٍ في فمي

وأنا أريدُ من القيودِ تحرُّرا

لكنني بنتُ الضياعِ

وكلُهم

كانوا الضباعَ

وكلُّ عمري مسخرهْ

لا الشعرُ يجدي

لاالحروفُ…

كعبدةٍ أمضي حياتي

يا حياتي المقبرهْ

وإذا خرجتُ عن القطيعِ

وقلتُ: لا

ذنبي عظيمٌ

قاتلي لن يغفرَهْ

ونختار من قصائد العشق والهيام هذه القصيدة :

العشق
ولنفترضْ أني أحبُّ وأعشقُ

وبأنّ روحي كلُّ بحرٍ في بلادِ الأرضِ

قلبي زورقُ

وبأنّ محبرتي الوجودُ

وخمرةٌ في خاطري تتعتّقُ

أنا مذْ تكوّنَ خافقي في مهدِ أخيلتي

الحقيقةَ أنطقُ

ورضعتُ من أمي المحبة والهوى

فشعرتُ أني بالهوى أتدفّقُ

ولنفترضْ

أني أحبُّ وأنني أنثى تتوقُ إلى الشذى

أوَ ليسَ قلبي يخفقُ

وإذا لمستُ العشقَ

كيف أردّهُ

وأنا على دينِ المحبة أُخلَقُ

مظلة
هاتِ كفّيكَ معطفاً

ومظلّـــهْ

وارتدِ مقلتيَّ لأصبحَ أحلى

وأدخلِ الحقلَ كم ستروي

ورودي

والحساسينُ كم ستغزوَ دفلى

واشربِ الخمر من شفاهِ اشتعالي

كلّ شعر الهوى

حينها يتجلى

يا حبيبي اقتربْ في يديكَ صلاتي

أصدقُ العشقِ

أن تصيرَ المُصلى

-×-×-×-

المطر
وأحبُّ أن أمشي معكْ

حين السماءُ تضمُّنا

ويسيلُ من قلبــي المطرْ

وأحبُّ حين تقول لي:

عيناكِ خارطةُ السفرْ

وأحبُّ نعدو في الطريقِ

وخطونا الكلماتُ عاشقةٌ

وضحكتنا قمرْ

يا أنتَ يا جنحَ الفراشةِ والمدى العالي

وقانونَ الزَهَرْ

أمدُدْ يديكَ إلى يدي

خذني

ولا تُبقِ أثرْ

عطرُ الترابِ إذا مشينا خطوتينِ

يشمُّنا

والريحُ تلتقطُ الصورْ

وأنا أحبكُ معطفي الصوفيَّ

تأويلَ المظلةِ

والمياهُ الشوقُ

يسألُ ما الخبرْ

هذي أنا

وحبيبي الأغلى

مشينا في بلاد التيهِ

فاندلعَ المطرْ

القصيدة التي نالت جائزة أبو شبكة :
وورد في الديوان , نص القصيدة التي نالت بها الشاعرة جائزة الشاعر الياس أبو شبكة من بيت الشباب في ذوق مكايل واستلمتها من الشاعر الكبير هنري زغيب ..تقول القصيدة :

تاجُ الأرض
إلى لبناننا الأنقى والأجمل

فـوقَ المتـونِ العالياتِ تربّعــا

ليكونَ من كلّ المدائـنِ أروعا

لا أمسَ فيهِ، اليومُ ينبتُ في غدٍ

وغــدٌ تواريخَ التوهّـجِ أبـــدعــا

مذْ كانَ بحــرٌ فالشـراعُ صنيعُهُ

مُذْ كـانَ فكـرٌ كمْ أسّــنَّ وشرّعا

هو قبلَ تاريخِ الفراشــــةِ أرزهُ

قد كانَ للجنحِ المغامـرِ مرتعــا

هـو قبلَ محبرةِ الحروفِ يراعُهُ

خطَّ الطريقَ إلى القصائدِ مطلعا

هو أوّلُ التنزيلِ، إنجيلُ التُــقى

ومـــآذنٌ أصغتْ إليـه لتســمعـَـا

بيتٌ لأهـلِ الأرضِ شــرّع بابَهُ

حتى غـدا من كـلّ بيتٍ أوســعا

قلـبٌ من الصلصالِ كيف بلحظةٍ

مَلكَ الحياةَ وصار نبضــاً طــيّعـا

لكأنّـــه الفردوسُ قبـــلَ ترابــــــهِ

اختارَ الوجـــودَ وكم تشكّلَ أضلعا

وأعـــاد تأثيثَ الكـواكبِ بالــــدفـا

واختــارَ أرزاتِ المحبّــــة مخدعا

هو تاجُ هـذي الأرضِ،حقلُ عناقِها

غنّـى الجمـالَ وكـــلّ شـادٍ أســـمعا

أهلـوهُ عشّـاقُ الوفــاءِ، جميــــــعُهم

لو صاحتِ الأرزاتُ هبّــوا أجمعـــا

كم حاولَ الحسّـادُ ثنـيَ ســــــواعـدٍ

لكــنَّ لبنــانَ الوفـــا لـن يركعــــــا

هو في ضميرِ العاشقيـنَ غرامُهمْ

ويكونُ في طُهر المحبّــةِ أمنعـــا

كم جرّبَ الغــاوونَ هدمَ صروحهِ

لكنّــهُ الباقـــي ولـــنْ يتصدّعــــــا

وكي لا ننشر جميع الشذرات الذهبية من قصائد الشاعرة سنكتفي بنشر ” الرماد ” التي تلخص المعنى الذي تطمح اليه الشاعرة من رسم قصائدها .. تقول القصيدة :

الرماد
كوني

فكنتُ كما أرادوا

في داخلي جمرٌ

ويكسوني الرمادُ

مكسورة الأقلامِ

ممنوعٌ علي البوحُ

يُغرقني المدادُ

كوني

فكنتُ ضحيةً مُثلى

وهم صيّادُ

لا ترتدي الفستانَ

جسمكِ عورةٌ

والصوتُ لو سمعَ الغريبُ

وضحكةُ منكِ ارتدادُ

وحجابكِ الحرزُ الأمينُ

فحاذري كشفَ اليدينِ

ولعنةَ المعنى

وكوني نعمةً في الدارِ

لو خرجتْ سيأكلها الجرادُ

كوني

فكنتُ كما أرادوا

لو أشتهي رجلاً

أكونُ زنيتُ من حلمٍ

وخوّنني الفؤادُ

لو أقربُ الشبّاكَ

قيلَ رآكِ جنٌّ في المنامِ

وجاءكِ الغاوونَ

رؤيتكِ الفسادُ

كوني

وكنتُ كما أرادوا

أتقنتُ فنَّ المسحِ والتكنيسِ

تقشيرَ الفواكهِ

طبخَ ما يرضي ضيوفُ البيتِ

تقبيلَ الأكفّ

عباءتي السوداءُ أرهقها الحدادُ

لا تقربي كتبَ الغريبِ

الشِعرُ أبلسةٌ

وشيطنةُ الرواياتِ الغبيةِ لعنةُ الشيطانِ

والتلفازُ مضيعةٌ لِطُهر الدينِ

فالتزمي صلاةَ الفجرِ

قومي للوضوء

ورتّلي القرآنَ قبل النومِ

عند الفجرِ

يقبلكِ العبادُ

لا تركني أبداً لأيّ صديقةٍ في الحيّ

خارجَ بيتكِ الدهريّ قومٌ فاسقونَ

وسيّئونَ

وعالمٌ فيه السوادُ

كوني

فكنتُ كما أرادوا

الجمرُ في جسدي

وهذا الكونُ قاطبةً رمادُ.

/ميزان الزمان/

اترك ردإلغاء الرد