المرحلة الثانية من نزع سلاح الحزب ليست نزهة




كتب عماد مرمل في الجمهورية:

من الواضح أنّ مطلع السنة الجديدة سينطلق في لبنان مثقلاً بتحدّيات كبرى، لعلّ أهمها ما يتصل بتضارب المقاربات والفهم لطبيعة المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح ومعادلاتها.

إذا كان الجزء الأكبر من المرحلة الأولى لخطة حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني قد تمّ إنجازه بسلاسة وانسيابية إلى درجة كببرة، ربطاً بالتعاون الذي أبداه «حزب الله» مع الجيش اللبناني، تنفيذاً لالتزاماته في اتفاق وقف الأعمال العدائية، الّا أنّ الأمور ستتخذ على الأرجح منحى مغايراً في المرحلة الثانية، التي لن تكون نزهة، بفعل ما يحوط بها من تعقيدات جمّة وعلامات استفهام.



ويمكن فرز أربعة اتجاهات متباينة في مقاربة هذه المرحلة كالآتي:




ـ بالنسبة إلى الجيش اللبناني، فإنّ الموقف المبدئي لقيادته، هو انّه لا يمكن منهجياً ومنطقياً البدء في تطبيق المرحلة الثانية قبل الانتهاء كلياً من تلك الأولى، وهذه بدورها لن تكتمل ما لم تنسحب القوات الإسرائيلية من الأجزاء التي لا تزال تحتلها في المنطقة الحدودية، لأنّ استمرار هذا الاحتلال يعوق قدرة الجيش على إتمام مهمّته وبسط سيطرته التامة على جنوب الليطاني. ومن هنا، لو عاد القرار إلى المؤسسة العسكرية وحدها، لطلبت تمديد المرحلة الأولى إلى حين إنجازها بكاملها، ولرفضت الانتقال إلى الثانية قبل أن ينسحب آخر جندي إسرائيلي.




– في ما خصّ الحكومة اللبنانية، كان لافتاً انّ رئيسها نواف سلام، صرّح أنّ على إسرائيل وقف اعتداءاتها وخروقاتها لقرار وقف الأعمال العدائية، ولكن هذا لا يمنع لبنان، في رأيه، من الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تمتد من شمال نهر الليطاني إلى منطقة نهر الأولي. أي إنّ سلام لم يربط عملية الانتقال بالانسحاب الإسرائيلي او بالكف عن الاعتداءات، بينما كان في إمكانه اشتراط ذلك، اقله من باب التكتيك التفاوضي والضغط على واشنطن وتل ابيب، سعياً إلى تحصيل ثمنٍ ما في مقابل إطلاق المرحلة الثانية، بدل أن «يتبرّع» بالإعلان عن الاستعداد للمباشرة بها مجاناً. وانطلاقاً من تصريح رئيس الحكومة، ليس صعباً الاستنتاج أنّ هناك تمايزاً وتباعداً في النظرة إلى مدخل المرحلة الثانية بينه وبين الجيش، وإن يكن الاخير ملزماً في نهاية المطاف بتنفيذ قرار السلطة السياسية.




– على مستوى «حزب الله»، الصورة واضحة ولا تتحمّل أي التباس او اجتهاد: «نحن نفّذنا كل المطلوب منا في جنوب الليطاني حتى تكون تلك المنطقة منزوعة السلاح وفق مندرجات اتفاق وقف الأعمال العدائية، وسهّلنا مهمّة الجيش على هذا الصعيد إلى اقصى الحدود. أما شمالي النهر فمعاييره مختلفة ومصير السلاح فيه يخضع إلى البحث ضمن الاستراتيجية الدفاعية او استراتيجية الأمن الوطني، في اعتبار انّه شأن داخلي ليس للكيان الإسرائيلي او للولايات المتحدة علاقة به، ويعود أمر البتّ فيه إلى اللبنانيين أنفسهم، من خلال الحوار الداخلي وما تتطلّبه مقتضيات المصلحة الوطنية».




وبهذا المعنى، لن يبدي «الحزب» أي تعاون او يقدّم أي تسهيلات إذا كان يُراد تطبيق المرحلة الثانية على قياس الأولى، وبالتالي فإنّ دور الجيش لن يكون سهلاً في حال طلبت منه السلطة السياسية سحب السلاح من المنطقة الواقعة بين شمال الليطاني ونهر الأولي.



ـ تبقى حسابات الجانبين الإسرائيلي والأميركي، اللذين يضغطان على الدولة اللبنانية لتسريع المباشرة في المرحلة الثانية من سحب السلاح، تحت طائلة التهديد بشن حرب واسعة ما لم يتمّ التجاوب مع مطلبهما ضمن روزنامة يحاولان التحكّم بها وفق متطلبات مصالحهما.



وإزاء هذه التعريفات والرؤى المتعارضة لمرحلة ما بعد جنوب الليطاني، يبدو أنّ الآتي هو أشدّ صعوبة وأكثر تعقيداً مما مضى. وبالتالي فإنّ التمنيات بأن تكون بدايات السنة الجديدة مبشّرة بالخير قد لا تتحقق سريعاً، كما يأمل اللبنانيون.



المصدر : الجمهورية

اترك ردإلغاء الرد