لماذا ذهبت الفلسفة إلى دور السينما؟!

عانى الفن السينمائي لعقود طويلة من تجاهل الفلسفة، بل وعزوف المفكرين وتشكيكهم في جدواه الجمالية والفكرية، حيث نعته الفيلسوف الفرنسي هنرى بيرغسون بـ “الوهم السينماتوغرافي”. وذلك انطلاقًا من أنّ العالم الذي يقدمه مجرد حركة –خادعة- تعتمد على سلسلة من الصور الثابتة. أمّا الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر فاستنكر على السينما تقديم فن حقيقي بمعايير جمالية، وهي التي تختزل الفن في صورة ميكانيكية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة. بينما اعتبرها بعضهم الآخر أبعد ما تكون عن المفاهيم الجادة؛ حتى أنه أشيع عن الفيلسوف النمساوي لودفيغ فيتغنشتاين حرصه على الذهاب إلى السينما عقب كل محاضرة يلقيها في الجامعة وذلك للترويح عن نفسه.

لا شك أن مثل هذه القراءات قد خضعت لآليات قديمة من تاريخ الفن السينمائي بحيث كانت تتم فيه صناعة الصورة الكلية للمشهد عبر تتابع سريع لمجموعة من الصور الثابتة، وذلك قبل ظهور الديجيتال (الرقمي) الذي أتاح نقل الصورة الحقيقية بمرونة وانسياب لا يختلف مطلقًا عن الواقع. كما أتاح للفن السابع الانفلات من وطأة مئات الأمتار للشريط السينمائي إلي أسطوانة صغيرة مُدمجة لا وزن لها يُذكر.

من هنا، تأتي أهمية الكتاب الصادر حديثًا عن دار معنى للنشر والتوزيع في ترجمته العربية بعنوان “فلسفات السينما الجديدة… صور تُفكر” للباحث وأستاذ الفلسفة في جامعة ماكواري في أستراليا روبرت سينربرنك (ترجمة نيفين عبد الرؤوف).

وفيه يستكشف الكاتب الموجة الجديدة من نظرية السينما الفلسفية التي تحدت النموذج الفكري الأقدم المعروف باسم النظرية الكبرى”، من خلال طرح عدة أسئلة من قبيل “كيف ترتبط السينما بالفلسفة، وهل تستطيع الأفلام ممارسة الفلسفة؟، هل بوسعنا تجنّب فخّ المجاز الفلسفي الذي يطلّ برأسه ما إن تتقابل الصورة مع المفاهيم النظرية؟”. ويتتبع السؤال الأهم “لماذا ذهبت الفلسفة إلى دور العرض السينمائي؟!” بعد هذه المُقاطعة.

/النهار/

اترك ردإلغاء الرد