طي صفحة جهاد أزعور نهائيًا!

/عبدالله قمح- ليبانون ديبايت/

من تسنى له الإطلاع من الدائرة التي تتواصل مع الوزير السابق جهاد أزعور المرشح لرئاسة الجمهورية والمتواجد في الولايات المتحدة الأميركية، نمت قناعة راسخة لديه أن الرجل ما عاد راغباً في الموقع وقد أصبحَ محل تجاذب بين قوى صارت متخاصمة, كيف يقبل أن يغدو مرشحاً ونصف المسيحيين إن لم يكن أكثرهم، متفقون في ما بينهم على رفضه؟


الأجواء السائدة لدى مختلف القوى المسيحية التي خاضت نقاشات مفتوحة طوال أسابيع مضت بغية الاتفاق على مرشح موحّد تخوض فيه سباق بعبدا، تجزم أن احتمالات تبني الوزير السابق جهاد أزعور لم تعد كما كانت من ذي قبل, وباتت ضعيفة إن لم تكن منعدمة، ويُرد ما تقدم إلى توقف المفاوضات ما بين تلك القوى وعودتها إلى منطق رفع السقوف والتحدي والإنشطار، ما بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر تحديداً، ما أجهزَ على المفاوضات آخذاً في طريقه ترشيح جهاد أزعور.


عملياً، كان متوقعاً أن تصل القوى المسيحية إلى هذه النتيحة طالما أن مفاوضاتها في الاساس، قامت على تكاذب متبادل بين جميع الأطراف، وعلى حد وصف من اطلعَ على مضمون تلك المفاوضات، إستخلص أن أحداً من القوى الداخلة فيها لم يكن مؤمناً مقتنعاً أصلاً بإمكانية وصولها إلى مكان، أو كان مقتنعاً أو مؤيداً لوجهة نظر خصمه وكانت الثقة منعدمة ومفقودة، والفرق متباعدة سياسياً إلى أقصى حد لم يدخل من دخل المفاوضات -التي دارت في غالبية الأحيان بشكل غير مباشر- إلّا لغرض إظهار الذات أمام الخصوم والشارع أنهم يتحدثون مع بعضهم، والحقيقة أن كل فريقاً منهم كان يحاول استخدام ما يجري لمصلحته.


طوال سريان مرحلة المفاوضات، لم يكن أيًا من المنخرطين فيها جدياً في تبني إسم جهاد أزعور الذي قيل أن ثمة إتفاق حوله, وتسريب الإسم في الأساس جاء رغبة في الحرتقة أو الفرض, والتيار الوطني الحر جعل من الاسم نقطة لاستقطاب حزب الله، ظناً منه أن الحزب سوف يأتي لمفاوضته، قبل أن يُصدم من مستوى تعامل الحزب الذي قابل النائب جبران باسيل بتجاهلٍ شديد، ما دفع بالاخير إلى التراجع عن تبني أزعور تدريجياً بعدما اكتشف أن الحزب في مكانٍ آخر، فاختار إعتماد لغة فخّخت المفاوضات قبل أن تأتي تصريحات النائب آلان عون لتستخدم كتبرير للاجهاز عليها.


بالنسبة إلى القوات اللبنانية، لم تكن أصلاً في وارد القبول بجهاد أزعور, وهو ما يؤكده أكثر من مصدر مسيحي تابع المفاوضات, وحين ادعت الموافقة عليه، جعلت منها مادة إعلامية لابتزاز “التيّار” وجبران باسيل ومحاولة دفعه للدخول في مواجهة مع “الثنائي الشيعي”، لرغبة لديها في تحطيم جميع مراكب باسيل مع الضاحية.


من زاوية أخرى، استخدمت القوّات اللبنانية “نموذج المفاوضات” كي تعمل على “الوعي الجماعي” لدى المسيحيين، من خلال إبراز أن باسيل لديه خطابين بوجهين مختلفين، ما يؤكد أن معراب، أصلاً، لم تخرج من أسلوب تعاملها مع ترشيح ميشال معوض.


أما حزب الكتائب اللبنانية، ما كان همه سوى إلتقاء القوتين المسيحيتين على إسم مرشح، أيًا يكن هذا المرشح، رغبة من رئيس “الكتائب” سامي الجميل في إيجاد دور له وتسويق نفسه أمام الخارج بصفته “قادر” على جمع الاضداد المسيحيين، قبل أن يفشل.


أما “قوى التغيير” من المسيحيين بما فيهم بعض المستقلين، لم تكن دوافهم اقل سوءًا، قبل أن يعودوا ويغرقوا فيما بينهم بجدل عقيم لا طائل منه، من دون حد أدنى متوفر من جدول الأعمال أو موقف واضح.


إذاً، المشكلة “مشكلة نوايا”، تسحوذ على أي تحرك سياسي لدى الفريق المسيحي، وأزمة رغبة في “كمن” كل فريق للآخر رغبة منه في إفشاله، وليس ما جرى أكبر من صراع نفوذ أو أقل من ثقة مفقودة، ما يجعل من إمكانية تفاهم على إسم مرشح موحد فاقدة للأصل والعناصر، ويحدث ذلك فيما رئيس مجلس النواب نبيه بري، ينتظر تفاهم القوى المسيحية على إسم مرشح كي يدعو إلى جلسة إنتخاب ثانية عشر في موعد إفتراضي حدد أقصاه 15 حزيران المقبل.

المتوقع المحتمل الآن من جانب أكثر من مصدر، هو في رمي برّي حجر تعثّر الدعوة على القوى المسيحية، التي صارت بالنسبة إلى قوى الداخل وقوى الخارج، بمثابة معرقلة لسريان الاستحقاق بفعل خلافاتها، ويحصل كل ذلك فيما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يتسيّد المشهد الرئاسي بصفته المرشح القادر الوحيد، تمكّن من تجميع الـ 65 صوتاً المطلوبة أم بحث آخر.

اترك ردإلغاء الرد