تطيير الاستحقاق يحيل 1100 بلدية الى 24 قائمقاماً.. والكارثة الكبرى بغياب المخاتير

يفصُلنا عن شهر أيار سوى شهريْن، موعد الاستحقاق البلدي، في ظلّ ضبابية تُحيط بمصير هذه الانتخابات، لا سيّما مع عدم تأمين الاعتمادات اللّازمة لإجرائها مع تعطّل المؤسّسات الدستورية، وعدم إمكانية الذهاب إلى جلسة تشريعية تسمح بصرف الاعتمادات، أو بالتجديد للمجالس المحليّة.

لكن تطيير الانتخابات دونه عقبات سترخي بظلالها على كافّة أمور اللبنانيين، خصوصاً ما يتعلّق بالشؤون الإدارية التي تقوم بها المجالس البلدية والمخاتير لصالح النّاس!
 فما هي التداعيات؟ وما هي الحلول المُمكنة؟

يستند الخبير القانوني والدستوري، سعيد مالك، إلى “قانون البلديات الصادر في المرسوم الإشتراعي رقم  118 /77، وبما أنّ ولاية المجالس البلدية الحالية والإختيارية تنتهي نهاية أيار الجاري، فيُفترض بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، بسام مولوي، وعملاً بأحكام المادة 14 من المرسوم المذكور، دعوة الهيئات الناخبة للإلتئام لانتخاب مجالس بلدية جديدة بقرارٍ يصدر عنه، وليس بحاجة إلى مرسوم”.

وأمّا لجهة إمكانية أن تجري الانتخابات في ظل الفراغ الرئاسي، فيرى مالك في حديثٍ مع جريدة “الأنباء الإكترونيّة، أنّه “من المُمكن إجراؤها. وهذا واجب، وهذا ما حصل عام 2016”.

إلّا أنّ مالك يلفت إلى،  “عقبة تمويل الانتخابات وتأمين الاعتمادات اللّازمة لإجرائها، فمن الثابت أنّ موازنة عام 2022 أصبحت فارغة، وكذلك فإنّ الاعتمادات الإضافية لعام 2022 لم تعد موجودة، كما أنّ موازنة عام 2023 لم تقر مبدئياً حتى تاريخه”.

لذلك، يُوضح مالك، أنّ “التمويل إمّا أن يحصل بمشروع قانون يأتي إلى مجلس النواب، وعندها يُفترض أن ينعقد المجلس في جلسة تشريعية من أجل إصدار قانونٍ لتأمين اعتماد إستثنائي ورصده، وإمّا أن تأتي بواسطة هبات عندها يُمكن للحكومة أن تجتمع وتقبل الهبات بمرسوم، عملاً بأحكام المادة 52 من قانون النقد والتسليف”.

وأمّا في حال وصلنا إلى نهاية أيار، ولم يكن هناك جلسة لمجلس النواب، ولم يُمدّد للمجالس البلدية، وبالوقت عينه لم تتمكن وزارة الداخلية من إنجاز هذا الاستحقاق لعدم توافر الأموال والاعتمادات وعدم رصدها، يلفت مالك إلى أنّنا، “عندها سنكون أمام واقع إمّا البلديات تصبح منحلة حكماً، وإمّا أن تستمر بعملها ضمن إطار المفهوم الضيّق بمبدأ استمرارية المرافق العامة، وإمّا أن تُعتبر “منحلّة” بكاملها وبتصرّف القائمقامين والمحافظين، وبالتالي هنا البكاء والعويل وصرير الأسنان”.

وفي الإطار عينه، يُشدّد وزير الداخلية والبلديات السابق، مروان شربل، في حديثٍ مع “الأنباء” على ضرورة أن “يجتمع مجلس النواب ليمدّد للمجالس البلدية، في حال لم يجتمع لتأمين الاعتمادات، وإلّا سنكون أمام واقعٍ مأزوم ومشكلة كبيرة. فالبلديات اليوم هي المؤسّسات الوحيدة التي تعمل قدر استطاعتها وإمكاناتها على تأمين حاجات المواطنين”.

ومن المُمكن، وفق شربل أن، “لا تحلّ البلديات. وفي حال تمّ حلّها تبقى الصلاحيات موجودة، وتنتقل للسلطة الإدارية للمحافظ والقائمقام”.

ويُنبّه شربل إلى مسألة هامة وهي، “ما مدى قدرة المحافظين والقائمقامين على استيعاب الضغط. فاليوم يوجد 1100 بلدية، فهل باستطاعة 24 قائمقام، وأغلبيّتهم بالوكالة، و8 محافظين، القيام بمهام 1100 بلدية”، و هذا أمر يستبعده شربل.

كما أنّ هناك أمراً، والذي هو في غاية الخطورة، يضيء عليه وزير الداخلية السابق هو أنْ، “نكون بلا مخاتير، وهذا  ما يعتبره “الكارثة الكبرى”، ويعطي عدة أمثلة على ذلك إنْ،  “كانت عقود الزواج أو شهادة الوفاة ووثيقة الولادة، فليس لكل هذه الأمور وغيرها صيغة قانونية لحلها”.

لذا، يرى شربل أنّه، “من الضروري أن يجتمع مجلس النواب، إنْ لإعطاء اعتمادات، أو للتمديد للمجالس البلدية، وإلّا “العوض بسلامتكم” كل المؤسّسات ستفرط.

ويُعطي شربل تصوراً لما ستكون عليه الأوضاع في حال لم يُمدّد للبلديات، حيث “النفايات ستملأ الشوارع والمناطق وحتى المدن، وكافة مؤسّسات الدولة ستكون في انحلالٍ تام”.

وإذ يسأل، “لماذا وصلنا إلى هذا الدِرك؟”، يُشدّد على أنّ “القصة مقصودة، وكأنّه هناك مؤامرة تُحاك للبلد، ولا يسعنا القول إلّا “الله ينجي الأوادم”.

وللوقوف على رأي المعنيّين المباشرين من عدم  التجديد للسلطة المحلية، أجرت “الأنباء” اتصالاً مع مؤسّسة رابطة مخاتير كسروان الفتوح، ومختارة زوق مكايل السيّدة جوزيان خليل، التي أكّدت أنّه “في حال لم يُمدّد للمجالس البلدية والإختيارية إنْ لم تقر الإعتمادات لإجراء الاستحقاق سنكون في وضع لا أحد يدرك خطورته، فالوكالات الشعبية ستسقط. صحيحٌ أن البلديات من الممكن أن تستمر من أجل تسيير المرافق العامة بعد توكيلها من قِبل القائمقامين والمحافظين، ولكن المشكلة هي المخاتير، كيف ستوقّع؟ لأنّه لا صيغة قانونية تسمح لها بالتوقيع في حال عدم التجديد”.

إلّا أنَّنا في لبنان بلد العجائب، حيث تُشير إلى أنّها “سمعت من أكثر من شخصية قانونية أنّه نظراً لخطورة الوضع، حتى ولو خلافاً للقانون، سيتمّ إيجاد صيغة تسمح للمختار بتسيير معاملات الناس”. فـ”المختار بيقدر يعيّش شخص ويُميت آخر. هو رئيس جمهورية ببلدته، وختمه ختم جمهوري”، وفق تعبيرها.

وتسأل في الختام، “لا أعلم إلى أين سيوصلونا من بعد جهنم. هل إلى الجحيم؟!”

ووسط هذه “المعمعات” تصرّ وزارة الداخلية على إتمام الأمور اللوجستية، وكأنّ الاستحقاق قائم في موعده وفق ما تؤكد مصادر الوزارة لـ “الأنباء”.

كما تُشير المصادر إلى أنّ “التحضيرات قائمة، وعلى أكمل وجه وهي شبيهة بالتحضيرات التي حصلت خلال الانتخابات النيابية، وبأنّه في مطلع نيسان القادم سيتم دعوة الهيئات الناخبة”.

ومع احتمال سقوط هذا الاستحقاق، فذلك يعني السقوط المدوّي والنهائي لما تبقى من الدولة!  

الأنباء

اترك ردإلغاء الرد