عام على الحرب الروسية/الأوكرانية.. الدلائل المؤشرات


نعمه العبادي
مر عام على الحرب الاكثر تعقيدا وإلتباسا في تاريخ الحروب، وفي هذه المناسبة تضاربت التقييمات والآراء أزائها بشكل اكبر.
احاول في هذا النص المكثف ان اشير الى جملة دلائل ومؤشرات تمثل وجهة نظري لما يجري على ارض الواقع والآفاق المستقبلية، وتتمثل في الآتي:
– بالرغم مما قيل عن موت الأيدلوجيا وخروجها عن ساحة التأثير، وصعود نجم المصالح كأساس تنقسم على وفقه خارطة العلاقات، إلا ان هذه الحرب اعادت تمركز الايدلوجيا بوصفها المادة الانسب لخطاب التعبئة من قبل كل الاطراف، فنحن امام عالم احمر وآخر ازرق.
– ان فكرة (الهارتلاند) و (الريملاند) لا تزال هي الاطار الانسب لتفسير الصراع الجاري مع بعض المستجدات التي فرضتها التحولات العالمية.
– مهما كان الاختلاف حول الخسائر والنتائج، فإن اوكرانيا والاوكرانيين هم الخاسر الاكبر في هذه الحرب الآن ومستقبلا.
– بعد كل المحاولات التي جرت من اجل ان تستعاد كرامة واستقلالية القرار الاوربي، وان تتمكن اوربا اخذ خياراتها بنفسها وبلا تبعية، اجهزت هذه الحرب على كل تلك المحاولات، إذ تعمقت وتزايدت تبعية القرار والمصير الاوربي للولاية الامريكية، وتزداد اوربا تورطا في تداعيات هذه الحرب.
– في قانون حساب الخسائر، لا يزال الامريكان الاقل خسارة في هذه الحرب، والاقدر على استدامة دورهم عبر ادوات وسيطة تتحمل بالنيابة عنهم التبعات والتداعيات.
– لا يوجد اتجاه حقيقي لدفع الحرب الى حرب عالمية مفتوحة، لان خارطة التوقعات مقلقة لكل الاطراف، مع ان الصراع فيه ارضية مناسبة لأن يتحول الى حرب عالمية.
– بحسب قيمة واثر العوامل، فإن هناك تعادل او ميل لكفة عوامل الدفع بإتجاه تطويق الصراع والإبقاء عليه في رقعته الحالية (روسيا+ اوكرانيا)، اكثر من التي تدفع باتجاه انزياحه الى ساحات ابعد.
– لن تكون نتائج هذه الحرب حاسمة لصورة العالم الجديد، وليست هي السبب الاوحد لتشكلاته الجديدة، لكنها ستكون خط الشروع تجاه تحولات عميقة في صورة عالم المستقبل.
– الغطرسة على و/او الخذلان الامريكي الذي يمثل السمة العامة للسلوك الامريكي عالميا هو العامل الاكثر تحفيزا لتقارب وتباعد خطوط الضد والمع، والذي يشكل المادة اللاصقة التي سيتكون منها الكيان المضاد، والذي يمكن ان يمتد من امريكا الجنوبية وحتى اوراسيا وقلب اسيا مرورا بأفريقيا، ويجمع حزمة من المختلفين في التوجهات والمصالح.
– يراهن بوتن على قدراته الذاتية كقائد حرب واستراتيجي مدرك وأيدلوجي ملهم، حيث يضع هذه العوامل في صدارة تقيمه لمدخلاته المتاحة له للفوز بالمعركة، فيما يراهن زيلنسكي على قدرته في استنفار عالم الضد من خلال تقديم روسيا بوتن بوصفها (فم شره) لن يقف في ممارسة القضم عند حدود اوكرانيا.
– يلعب الاعلام دورا متقدما في صياغة صورة الحرب وواقعها ومآلاتها وفقا لمرجعياته المختلفة، ولا ينافسه في هذا المجال اي عامل آخر، إذ لا يشكل دور النخبة (افرادا ومؤسسات) اي نسبة في هذا المجال.
– هناك ثلاثة نماذج لموقف وواقع الدول التي تعد غير معنية بشكل مباشر بالصراع، الاولى وهي الاوفر حظا والتي تستثمر كل يوم بنتائج الصراع مهما كانت، بناء على عملية رصيد وتقييم واع يومي، والثانية وهي الاقل حظا والتي تضع في حساباتها جملة من الخطوات والاستباقيات لمواجهة مسار التداعيات ونتائج المستقبل، فيما الابخس حظا تلك التي تنام في غفلة عن مسار الاحداث وقد قررت في اعماقها انها ستفكر في موقفها وتحركاتها بعد ان تضع الحرب اوزارها او انها ما زالت في موضع غير مباشر فهي غير معنية بالصراع.
– هذه الحرب وقودها الاكثر فعالية هو لعبة الشرعية، والمستخدمة من قبل كلا الطرفين، لذا ما زال خطاب الدفاع عن الشرعية يستقطب ويحقق قناعات واسعة فهي مستعرة ومستمرة، وبناء على تقييم الجبهات فإن لعبة الشرعية تحظى بمقبولية عالية كافية لإدامة الصراع لسنوات.

اترك رد إلغاء الرد