شريعة الغاب يا خال…!

{ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}

إعداد: نوال حبشي نجا _الرائد نيوز

في مطلع ٢٠٢٣ سُجل عدد من الحوادث في مناطق مختلفة، منها حالات انتحار وقتل مع العثور على جثث تعود لشباب أقدموا على الانتحار وإنهاء حياتهم في ريعان شبابهم، في فترة لا تتجاوز الأسبوع بين منطقة وأخرى من المناطق اللبنانية وكأنّها عدوى تصيب أفراد المجتمع.

لم يُدرك أهالي جبل محسن السبب الذي دفع المؤهل المتقاعد إلى قتل زوجته التي يحبّ، التي قتلها رميًا بالرصاص، ممّا جعل المنطقة كلّها في حال ذهول من حجم الكارثة التي حلّت على هذه العائلة التي يصفها الأهالي بأنّها “هادئة ولم يُسمع عنها إلّا كلّ خير .

” منى” الإمرأة اللي قتلها زوجها كانت مشتكيّة ومدعيّة عليه عند الدولة وذهبت للقاضي طالبة الطلاق ورفض يطلقها من زوجها بحجة أن قضية الطلاق لا تحسم إلا بموافقة زوجها، زوجها الذي أنهى حياتها بطلقتين في جسدها في حين ما زالت آثار تعذيبه لها على مر السنين والأيام واضحة !!

هذه الجريمة البشعة تأتي ضمن سياق الانفلات الذي تمر به المنطقة، فجبل محسن تعد من مناطق الأطراف التي لا تتمتع بنفوذ اقتصادي أو مالي، ومحرومة من حقوقها المطلوبة من قبل الدولة التي أهملت إنماءها .


حال الذهول التي أصابت منطقة جبل محسن، أصابت في اليوم التالي مناطق مختلفة من لبنان التي شهدت على جريمة قتل الشاب لنفسه. يكاد لا يمر أسبوع في لبنان، ولا تسجل فيه حالة انتحار، أياً تكن الأسباب الظاهرية الا أن جوهر الانتحار في معظمه اقتصادي ومالي.

يضاف إلى هاتين الجريمتين قيام أحد المواطنين منذ أيام قليلة، في بلدة داريا منطقة جبل لبنان، بقتل زوجته وطفله الوحيد خنقاً، قبل أن يقدم على الانتحار. وهذه الجرائم الثلاث حصلت كلها في غضون الأيام العشرة الأخيرة.

وكان لبنان قد حلّ في المرتبة الأولى في قائمة أكثر الشعوب غضباً، حسب تقرير “غالوب” عن العواطف العالمية لعام ٢٠٢١، المختص بقياس المشاعر، حيث يعود ذلك إلى الإحباط والبطالة وفقدان الخدمات الأساسية والعديد من العناصر الأخرى.


وبسبب كثرة جرائم القتل، وربطها مباشرة بالمخدّرات وتداعياتها، فضلًا عن أسباب أخرى باتت تدفع المرء إلى ارتكاب جرائم مختلفة، كالأسباب النفسية – العقلية مثلًا، أو الضغوطات الاجتماعية والضائقة الاقتصادية.


بالعودة إلى علم الاجتماع: “إن زيادة معدل الجريمة مرتبط بالأوضاع الاقتصادية، مع عوامل أخرى، مع انهيار الوضع الاقتصادي ستزداد الجرائم أكثر، لكن هناك عدة عوامل تضاف إلى العامل الاقتصادي خلف أسباب الجريمة، منها انتشار أفراد غرباء”.

“وترتبط الجريمة أيضا بعدم الاستقرار السياسي، إضافةً إلى الفقر والبطالة والثقافة الذكورية، وهذا ما شهدناه في لبنان، إضافةً إلى الأسباب المرضية الغرائزية المكتسبة والوراثية”.

” عدم تنفيذ القوانين بحزم وجدية من قبل الدولة يجعل المجرم يقترف جريمته بسهولة، ظنًا منه أنه يمكن أن يفلت من العقاب.

مع مطلع عام ٢٠٢٢ وحسب (الدولية للمعلومات) ارتفعت الجريمة بنسبة ١٠١ بالمئة إجمالا، وهي في طور الارتفاع كلما تفاقمت الأزمة الاقتصادية”.

صباح اليوم سُجلت حالة سقوط سهوًا من الطابق السابع لامرأة تعاني ضغوطات نفسية في شارع عزمي /طرابلس، في كل الحالات تتغذى فكرة الانتحار من الضغوط النفسية التي يعكسها الوضع الاقتصادي المتردي، وبخاصةً عندما يعجز الإنسان عن تأمين أبسط مستلزمات الحياة لأطفاله وعائلته، ويفشل في التأقلم مع الوضع ويقع تحت الضغوط النفسية ما يدفعه إلى هذا الخيار المؤسف”.

مصدر أمني: “جهات الأمن تجري توقيفات سريعة عند وقوع أي جريمة، وأن أكثر أنواع الجرائم في لبنان تندرج في خانة الثأر “

أرقام جرائم القتل والسرقة في لبنان بارتفاع ملحوظ مع انهيار الليرة والتدهور الاقتصادي الذي عصف بالبلد بعد استعصاء الحالة السياسية التي أفشلت جهود تشكيل الحكومة والرئاسة المنتظرين منذ عدة أشهر .

في النتيجة نقول إن القتل ومهما كان نوعه يبقى أشدّ الجرائم خطورة على المجتمع وعلى الكيان البشري، بسبب ما ينجم عنه من وفاة إنسان، خلقه الله لينعم بالحياة.

اترك ردإلغاء الرد