حراك باسيل يسوّق لـ”الاسم الثالث”


لم تغيّر الحركة التي اختتَم بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل العام الجاري مِن وقائِع المشهد السياسي المسدود الذي يُرخي بظلالِه على لبنان ربطاً بالتقاطعات الداخلية والإقليمية المتعثرة. علماً أن باسيل لا يزال مقتنعاً بأن قوة كل من المرشحين الرئاسيين الجديين سليمان فرنجية وجوزف عون تكمن في وجود دعم داخلي وخارجي كبير لهما، ولا يمكن بالتالي اختراق ثنائيتهما سوى بمرشح ثالث يحظى هو الآخر بدعم داخلي وخارجي.

وإذا كان فرنجية يتكئ على ثنائي حزب الله وحركة أمل، بينما يتكئ عون على كلمة السر الأميركية، فإن دعم التيار الوطني الحر لمرشح ثالث لا يكفي وحده وسيؤدي إلى احتراقه بسرعة، لذلك يعمل باسيل على توسيع إطار الدعم لهذا المرشح المفترض، وهو من هذا المنطلق يميل إلى مراعاة البطريركية المارونية، مفترضاً أن حيثية وجدية أي خيار ثالث ستزداد كثيراً إذا انطلقت من دعم البطريركية والتيار، لا التيار فقط أو البطريركية فقط. وفي ظل تردد القوات اللبنانية في ما يخص تبني ترشيح قائد الجيش، يمكن أن يكون بين الأسماء التي تقنع بكركي والتيار من يقنع معراب أيضاً، فيصبح عندها هذا المرشح أكثر جدية من فرنجية وعون مجتمعين.

ويقول أحد المطلعين على اتصالات باسيل لـ”الاخبار” إن آفاق الحوار باسم ثالث أقفلت بسرعة مع حزب الله بحكم تمسكه بفرنجية كمرشح وحيد، ثم مع الرئيس بري، فيما كان المقلب الآخر أكثر انفتاحاً وترحيباً بالحوار، من بعض النواب «التغييريين» إلى الدوحة وما بعد بعد باريس، حيث لم تكن المعادلة: جوزف عون أو لا أحد، أو معنا أو ضدنا. وإذا كان الحوار سالكاً بشأن المرشح الثالث مع العاصمتين القطرية والفرنسية والبطريركية المارونية فإن «النقاش في الأفكار» كان إيجابياً جداً مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، ومع عدة نواب تغييريين ومستقبليين سابقين يلتقون بشكل دوري بعيداً من الإعلام مع ثلاثة من النواب العونيين.

وفي رأي العونيين أن أي خيار جدي ثالث يمكن أن يشكل مخرجاً حقيقياً لهؤلاء من الإحراج الكبير الذي سيمثله السير بفرنجية أو عون بالنسبة لهم. فبعد كل الكلام عن الدولة المدنية والنهوض والحريات لا يمكن أن يكون انتخاب قائد الجيش رئيساً خياراً سهلاً بالنسبة لكثير من النواب التغييريين، تماماً كما أن النائب وليد البعريني يستفيد حتى الآن من عدم وجود معركة كسر عظم سياسية ليحافظ على علاقته الإيجابية بكل من الثنائي الشيعي من جهة والسفارة السعودية من جهة أخرى، ولن يكون مسروراً أبداً بحسم أمره مع واحد منهما، حاله في ذلك من حال عضو تكتل فرنجية نفسه النائب ميشال الياس المر وزميله في الكتلة نفسها وليم طوق.

وعن العلاقة مع جنبلاط، يقول أحد المطلعين إن جنبلاط تعايش باكراً مع تصحيح التمثيل السياسي في الجبل، ورغم تعبير بعض نوابه عن خطاب كراهية غير مفهوم تجاه التيار الوطني الحر وحادثة قبر شمون فإن المعارك سواء في السياسة أو في مجلس الوزراء أو حتى في الانتخابات النيابية بين التيار والاشتراكي كانت محدودة جداً وضيقة، في ظل تنام كبير في عدد الأصدقاء المشتركين للجانبين، وهو ما يفسح المجال أمام فتح صفحة جديدة جدية بين الطرفين. مع الأخذ في الاعتبار أن جنبلاط أيضاً يبحث عن خيار ثالث يجنّبه عناء الاصطفاف العنيف مع فريق ضد آخر، وهو يجد بين السطور التي يرددها باسيل عن الخيار الثالث عدة مرشحين مناسبين يطمئنون المختارة. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى حرص باسيل منذ عدة شهور على عدم الانجرار إلى الجبهات التي اعتاد العونيون استحداثها، مصراً على وجوب الحفاظ على أقل قدر ممكن من المشاكل السياسية إلا عند الضرورة القصوى.

اترك ردإلغاء الرد