حملة “حِلْمَا أكبر من جَازِة” تنطلق من طرابلس
تغيير الذهنية الثقافية لوقف تزويج الطفلات

/زائدة دندشي- الرائد نيوز/

انطلقت اليوم حملة “حِلْمَا أكبر من جازة” برعاية الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة بالشراكة مع منظمة “المساواة الآن الدولية” من خلال طاولة حوار وضمّ الحضور أيضًا ممثلي نقابات المحامين والمهندسين والأطباء وأكاديميين وناشطين وناشطات اجتماعيين.

وفي حديث لِ “الرائد نيوز” قالت رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة لورا صفير: “إن الخطوة الأساسية لنجاح الحملة تكون بالتوعية والاصلاحات القانونية، حيث أن هنالك الكثير من النساء والفتيات اللواتي لا يعرفن مالهنَّ من حقوق وكذلك توعية الرجال الذين هم جزء أساسي من المشكلة، بالإضافة للوضع الاقتصادي والاجتماعي السيء في البلد الذي بات يدفع الناس لحلول انقلبت لمشاكل متفاقمة لن تُحلَّ بسهولة.

رحبت صفير بكل الموجودين، من نواب وممثلين عن النواب، ومحامين، ونقباء و صحافيين إعلاميين وأكاديميين كونهم من يسيرون معنا في هذه الحملة ويوثقون كل مايجري.
وقالت: “نحن دائمًا نعمل على قضايا مناهضة العنف ضد المرأة وكل ما يتعلق بها، وأحببت اليوم أن يكون أول لقاء معكم كاختصاصيين، وممثلين عن نواب ووزراء، وعن المجتمع المدني والجمعيات الناشطة بالإضافة للإعلام بكل مؤسساته المكتوبة، والمقروءة، المسموعة”.

وأشارت صفير إلى أن هذه الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة تبدأ اليوم وتستمر لمدة 16 يومًا، حيث تنتهي في 10 كانون الأول، مضيفةً أنه تم اختيار طرابلس لتبدأ الحملة منها تحديدًا لوجود الكثير من الناشطين فيها، ولكن لا تتم الإضاءة الفعلية على هذه القضايا فيها لذلك ما يهمنا أن نبدأ الحملة من طرابلس وننطلق لباقي المناطق.

أضافت صفير أن موضوع “تزويج الطفلات” طرح قديمًا مع بداية تأسيس الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة في طرابلس عام 1999، حيث كانت من أوائل الجمعيات التي عملت فيما يخص قضايا المرأة، وكانت الانطلاقة لا تخلو من صعوبات وخاصة الذهنية الثقافية التي تكرس الصورة النمطية للمرأة لكننا استمرينا وتخطينا تلك العقبات.
وتستتبع صفير أن هذه الحملة ستكون بالتنسيق مع عدد من الجمعيات المحلية، الإقليمية والدولية.

أما غنوة شندر المنسقة الاقليمية للحملة فقالت لِ “الرائد نيوز” إن أهم العقبات التي تواجهنا في هذه الحملة هي الذهنية الثقافية في المجتمع فنحن في بلد متعدد الطوائف والذهنيات الثقافية لذلك فبعض المجتمعات بعاداتها وتقاليدها تشجع “تزويج الطفلات” وتحاول إقناعنا بالحجج التي ترى صحيحة من وجهة نظرها، وترفض طروحاتنا لذلك نسعى لمقاربة وجهات النظر والتركيز على الآثار السلبية للتزويج على صحة الطفلات النفسية والجسدية وهذه العقبة أصعب من تعديل القانون.

وأوضحت شندر أن جميع الحاضرين هم شركاء مع الجمعية ومناصرون لها منذ تأسيسها كمشرِّعين لإقرار القوانين المحقة وغير المجحفة بحق النساء، والفتيات والمواطن بشكل عام. أو كإعلاميين ذو تأثير في المجتمع والرأي العام.
وأوضحت أن حملة “حلما أكبر من جازة” تم إطلاقها مع منظمة Equality now international “منظمة المساواة الآن الدولية”، وهم شركاء دوليون لنا منذ عام 2018، حيث بدأنا العمل معهم على قوانين الأسرة بشكل عام ونحن اليوم بحملة معهم تضم لبنان ودول الشرق الأوسط.

“في عام 2018 بدأنا بالعمل على قانون العقوبات وخاصة المواد 505، 518، 519. بعد أن تم الغاء المادة 522 عام 2017 في آب، و المتعلقة بعقوبة الاغتصاب أي إذا أقدم المغتصب على الزواج من القاصر تلغى عقوبته فبعد جهود حثيثة من الجمعيات الحقوقية والنسوية والمجتمع المدني تم الغاؤها لكن مفاعيلها للأسف بقيت موجودة في بعض المواد القانونية الأخرى لذلك أخذنا على عاتقنا المطالبة بإلغاء تلك المواد التي تعفي المغتصب من عقوبته ومن هنا انطلقنا بحملة اسمها “لا تحلم بالعرس.. آخرتك الحبس” عام 2018 ولغاية 2020، ووضعنا ضمن الحملة ذاتها مقترح قانوني تحت عنوان “حماية القاصرات من التزويح المبكر” وتمت مناقشته في المجلس النيابي واليوم نستكملها مع النواب التغيريين الجدد.

من جهته قال المحامي أمين بشير: ” إن الجو العام التراكمي في البلد أودى لبعض المشاكل التي نراها في هذه الأيام، فتزويج الطفلات بات حديث اليوم والمجتمع ومن الضروري أن يقر قانون يمنع ذلك، وللأسف عندما عرضنا هذا القانون على عدد من النواب والجمعيات تم التهرب منه وخصوصًا من عنصر النساء وهذا ما كان مُستغربًا وكانت حجة الكثيرين أنهم يريدون العودة لرجال الدين حتى يفتوهم في الموضوع ومن هنا انطلقنا من الدستور اللبناني وخصوصاً المادة رقم 9 من الدستور وهي أن للحرية حدود وهي حرية الآخرين، وتأجسة الدولة لفروض الإجلال لله تعالى أي الإيمان بالديانات السماوية الثلاثة اليهودية، المسيحية، والإسلامية على ألا يخل ذلك بالانتظام العام من حق في الحرية والتعليم والطبابة والثقافة لذلك فتزويج الطفلات بات ذو فاتورة اجتماعية كبيرة على انتهاك الصحة الجسدية والنفسية والتعليمية من هنا طالبنا بقانون لا يخل بالانتظام العام للطوائف جميعًا وبالتالي يحمي من تزويج الطفلات، فلجأنا لقاضي الأحداث صاحب العقوبات الجزائية التي من الممكن أن تردع الناس وبمساعدة خبراء نفسيين واجتماعيين للتأكد فيما إذا كانت الطفلة مستعدة نفسية ونموها الجسدي والنفسي والذهني مكتمل.

وكون الحوار مفتوحًا أمام الجميع كانت هنالك عدة مداخلات حيث قالت باسكال أيوب عضو نقابة المحامين في طرابلس أنه يجب وجود قانون موحد للأحوال الشخصية يقضي بالعمر المناسب للزواج.

أما لبنى عطوي دكتورة في الجامعة اللبنانية بمجال علم الاجتماع فقالت إن النفوس قبل النصوص وخير مثال على ذلك هو العالِم الإسلامي محمد عبده الذي فصل بين العبادات والمعاملات، وأضافت عطوي أنه في مختبر علم الاجتماع العائلي تبيّن أن النمط الاحتكاري للزواج له علاقة بالزواج المبكر ومن هنا يجب التركيز على الجوانب النفسية والثقافية المودية لذلك الزواج المبكر.

وقال كلود عطية مدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية من الصعب اقتراح قانون لذلك في بلد لا يحترم القانون أساسًا، واقترح الدخول إلى المخيمات والقرى والمناطق الصغيرة للتوعية بهذا النوع من الزواج مشيرًا إلى زواج من نوع آخر وهو الزواج الإلكتروني الافتراضي وسيئاته.

في الختام، وضعت عدة توصيات أهمها مساهمة جميع الفرقاء المشاركين كل ضمن اختصاصه بالمساهمة في نشر التوعية لمنع تزويج الطفلات لما له من آثار سلبية على المرأة والاسرة والمجتمع والحشد والمناصرة لإقرار قانون لحماية القاصرات من التزويج المبكر.
فهل تنفع تلك الحوارات والطاولات المستديرة وجهود أشخاص كرسوا علمهم وثقافتهم لمنع تزويج الطفلات أم ستصطدم هذه الجهود بعراقيل كثيرة أبرزها الذهنية الثقافية المتجذرة في المجتمع وصعوبة إقرار القوانين الحمائية والرادعة في بلد متعدد الخلفيات الاجتماعية والثقافية؟

اترك ردإلغاء الرد