ولكن أين خفر سواحلنا!

أهلنا يغرقون! “وإذا الموءودة سُئلت بأيّ ذنبٍ قُتلت”

نوال حبشي نجا/مسؤولة الرأي الحر _الرائد نيوز /

يومًا بعد يوم يُعلن عن غرق مركب يحمل على متنه فوق طاقته أوزان وأطنان من البشر والمواد الغذائية، وحاجتهم من المازوت التي تكفيهم، ريثما يصلوا إلى البر عند شواطئ الأمان في صقيع أوروبا هربًا من جهنم الحياة في لبنان.

الموت أصبح مطلب شعب لبنان
المواطنون اللبنانيون، في حالة يأس وإحباط من الوضع المعيشي والتدهور الاقتصادي الحاصل منذ دخول لبنان في دوامة الانهيار المادي وارتفاع سعر صرف الدولار الذي قضى بارتفاعه على طموح وأحلام الشعب في العيش الكريم.

غياب الدولة والرقابة من خفر السواحل
وزير الداخلية “بسام مولوي” يتوجب عليك فرض طوق أمني على امتداد ١٠٤٥٢كلم٢ للساحل اللبناني خصوصاً الشمالية، ولو تطلب الأمر لطلب مساعدة اليونيفيل وقوات الدول الأجنبية بسبب عجز الدولة اللبنانية عن ضبط عمليات التهريب التي تودي بحياة المواطنين الأبرياء مجانًا على السواحل، وتقدم الأطفال والنساء قرابين لأسماك البحر بسبب جهلهم. يتوجب على الدولة اللبنانية ملاحقة عصابات الاتجار بالبشر والواضح بل المؤكد أنّها منظمات مدعومة لتنفيذ جرائم ضد البشرية وبأغلى تكلفة وبالفريش دولار تراوحت تسعيرة النقل بمراكب الموت عبر البحر بين ٤٠٠٠ إلى ٨٠٠٠ دولار للشخص الواحد والنتيجة!
مركب خشبي مطقطق، عالق على الشواطئ منذ أكثر من سنة، بحالة لا تسمح له بالإبحار، ومع ذلك يملؤونه بالناس من الرجال والنساء والأطفال ويتم وهمهم بأنّه سيصلون إلى شواطئ الأمان ويعيشون النعيم في جنان أوروبا، وفي حال اعتراض أي شخص على وضع المركب الذي يُرثى له، يُحبك على الفور من قبل عصابات الاتجار بالبشر فيلم مقنع مع سيناريو وحوار تلفوني مع مختلف أعضاء المافيا، بأنّه سيتم استبدال المركب بآخر في عرض البحر بعد دقائق قليلة وإنّما هذا للتمويه وقطع المياه الإقليمية مرددين مقولة :”ما أنتو هيك هيك ميتين، هلء هيدي عيشة اللي عايشينها بلبنان!”.

الدولة تسهم بتهجير الشعب
عندما يستيقظ المواطن كل يوم على هم وغم وطوابير انتظار أمام الأفران للحصول غلى رغيف خبز لأطفاله، ومن ثم يقف بالساعات مذلولًا أمام محطات البنزين لتأمين البنزين لملء خزان سيارته، ويعود ليبرم نص لبنان بحثًا عن دواء لولده المريض أو لوالده العاجز بعد أن بلغ به العمر عتيّة، لينتابه بعدها هلع رسوم التسجيل في المدارس وتأمين الأقساط وحلم الحصول على الكتب المستعملة، ولوازم القرطاسية، وغيرها لتوفير حق الأطفال الأدنى في هذه الحياة الدنيا (التعليم). إضافةً إلى التفلّت الأمني وعجز معظم الأهالي عن تأمين طلبات أولادهم دفع بهم لبيع كل ما يملكون من أثاث في منازلهم وسياراتهم لتأمين تكلفة الرحلة ذهاب دون إياب.

ولأنّ الدولة غائبة غياب كلّي متعمد ربما للضغط على الشعب لتهجيره، فقد قال سابقًا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون: “اللي مش عاجبه يفل”.
وربما للضغط على المجتمع الدولي بمأساة الوضع المعيشي وبالتالي اقتراض المال ونهبه كما اعتدنا من دولتنا العليّة.

“ولا ترموا بأيديكم إلى التهلكة”
ربّ العائلة القادر على دفع مبلغ أدناه ٤ آلاف دولار على الشخص الواحد، وأصغر عائلة مؤلفة من أربعة أشخاص مما يعني أنه دفع ١٦ ألف دولار، وهناك معلومات عن وصول الرقم إلى ٨ آلاف دولار على الشخص الواحد وعلى متن المركب الذي يتسع إلى ١٢٠ فرداً، يتواجد ١٧٦ فردًا، أي أنّ تكلفة الرحلة بلغت ٧٠٠ و٤ آلاف دولار إن لم يكن أكثر…اي نحو مليون دولار مكاسب تصل المهربين، هذه لمن تذهب؟ من يتقاضاها؟ لصالح من تُنهب؟ ومن يُروج ويُسهل عمليات التهريب للهجرة الغير شرعية؟

هؤلاء الأطفال الأبرياء كل ذنبهم أنّهم لبنانيو المنشأ مع اختلاف جنسياتهم من سوريين وفلسطنين فقد هربوا من سوء أوضاعهم الأمنية في فترة معينة ليعيشوا الأسوء ومن ثم يكون الموت المحتم مصيرهم.

“وإذا الموؤدة سُئلت بأيّ ذنبٍ قُتلت؟”
قُتلت لجهل الأهل بعدم جواز رمي أولادهم في البحر بهذه الطريقة الشنيعة بحجة الهرب من الفقر، فلترموا أولادكم أمام قصور الوزراء والنواب احتجاجًا على الوضع العام ورفضًا للواقع المزري، قُتلت لطمعها بالعيش حياة آمنة هانئة بعيدًا عن الرصاص الطائش في كل فرح وحزن، قُتلت لأنّها رخيصة بعين دولتها حيث المواطن لا قيمة له ولا معنى، فليبقى من يبقى وليرحل من يرحل، لا مؤتمر صحافي، لا إعلان حداد عام، لا استنكار لما يحدث، لا توقيف للعصابات المجرمة التي تُتاجر بالبشر، أين فرق الإنقاذ اللبنانية والصليب الأحمر اللبناني عن هذا المشهد المؤلم على السواحل السورية؟ أم أنهم لا يريدون إنقاذ أحد أو حتى استرجاع الناجيين ولا الجثامين؟

ولكن الله سيقتص منكم حتمًا في هذه الدنيا قبل الآخرة، ونسأل الله أن يكون القصاص قريبًاً

اترك ردإلغاء الرد