حمام الدار/ أحجية ابن ازرق”
للكاتب الكويتي سعود السنعوسي
“حمام الدار لا يغيب، وأفعى الدار لا تخون”، هذا ما كانت تردده الجدة بصيرة في رواية السنعوسي. تتكون الرواية من فصلين: الفصل الأول أطلق عليه السنعوسي اسم “العهد القديم”، وفي هذا العهد يروي لنا كاتب مجهول صباحات “عرزال ابن أزرق” ذلك الكهل الوحيد المكتئب الذي يعيش في ألم وخمول وكسل، يراقب من نافذته زرقتي السماء والبحر، ويراقب منها حمامات تحط عليها وتغدو وتروح. تذكره هذه الحمامات بماضيه، بطفولته حين كان له حمامات شبيهة فوق سطح الدار.
في أحد الأيام تطير هذه الحمامات وترجع، إلا اثنتين: رحال وزينة. يُدمي هذا الفقد قلب عرزال الطفل، ولكن الجدة بصيرة تؤكد له أن حمام الدار لا يغيب. ويحيا عرزال الطفل على أمل اللقاء. بعد صدمات كثيرة وفقد كثير يقرر عرزال الكهل الإنتحار، يقف عند النافذة طويلا، فلا هو ينتحر ولا يواصل الحياة، ويتوقف سير الرواية. يبعث الكاتب المجهول برسول، قُطنة العنزة، إلى عرزال، ولكنها تأتيه على هيئة فتاة جميلة لتقنعه بإكمال القصة، وهنا يقرر عرزال أن يحل محل الكاتب فيبدأ بكتابة قصة جديدة، وهنا يبدأ الفصل الثاني من رواية السنعوسي، وهو “العهد الجديد” حيث يسرد فيه عرزال قصة “منوال ابن أزرق”. وتشابه قصة منوال سيرة عرزال الذي فقد حمامتيه رحال وزينة في زرقة السماء، أما منوال فسيفقد ولده وابنته: رحال وزينة في زرقة البحر!
وكأن قصة عرزال هي قصة رمزية أو مشفرة لقصة منوال الواقعية. وهنا تتجلى عبقرية السنعوسي في قص نفس القصة بأسلوبين مختلفين، أسلوب المدرسة الرمزية وأسلوب المدرسة الواقعية. بالإضافة إلى ذلك يطرح السنعوسي صراعا مفتوحا حول هوية الكاتب الحقيقي، فمن يكتب من، هل منوال هو من يكتب قصة عرزال، أم أن عرزال هو الكاتب؟
حمام الدار رواية أدبية ومعرض فني للصور، فلقد احتوت هذه الرواية على عشر لوحات تشكيلية ملونة بالإضافة إلى غلاف الرواية وكلها أعدت من قبل الفنانة الكويتية مشاعل الفيصل، وهذه اللوحات تلمح ولا تصرّح بما يدور في هذه الرواية.
“حمام الدار” رواية فريدة بديعة يقدم فيها الأديب الكويتي المبدع سعود السنعوسي أحجية عرزال ابن ازرق، فمن هو عرزال وما قصته، وما هي معاناته، ومن هو والده، وما علاقته بمنوال؟ أسئلة كثيرة تبحث عن إجابة، ولن يجيب عليها إلا قراءتكم لهذه الرواية الشيّقة
/حدث online/